اعلم أنه قد انكشف لأرباب البصائر: أن الطريق إليه من وجهين:
أحدهما: طريق أصحاب النظر والاستدلال.
والثاني: طريق أصحاب الرياضة والمجاهدة.
أما الطريق الأول، وهو طريق الحكماء الإلهيين:
فهو الاستدلال بأحوال [1] الممكنات على اثبات موجود واجب الوجود لذاته [2] ، وذلك لأنه لما ثبت أن هذه الموجودات المحسوسات ممكنة ومحدثة، وثبت أن الممكن محتاج إلى المرجح، وثبت أن المحدث محتاج إلى المحدث، وثبت أن التسلسل والدور محالان، فحينئذ يجب انتهاء هذه الموجودات إلى موجود قديم (أزلي) [3] واجب الوجود لذاته. واعلم أن الشيخ الرئيس (أبا علي بن سينا) [4] ذكر في كتاب الإرشادات: أن هاهنا طريقا يدل على إثبات واجب الوجود لذاته، بحسب اعتبار حال الوجود من حيث إنه وجود. قال: «ولا حاجة فيه إلى اعتبار حال وجود غيره فإنا نقول لا شك أن في الوجود موجودا. فنقول ذلك الموجود إن كان واجبا
(1) بأحكام (س) .
(2) إثبات وجود واجب لذاته (س) .
(3) من (ز) .
(4) من (س) .