الحجة الأولى: إن الجسم لو كان قابلا لانقسامات لا نهاية لها، لجاز أن ينفصل من الخردلة الواحدة، صفائح يغشّى بها أطباق العرش والكرسي والسموات والأرضين، لا مرة واحدة، بل ألف مرة. ومعلوم أن ذلك في غاية البعد.
قال الشيخ الرئيس: «هذا أيضا لازم على القائلين بإثبات الجوهر الفرد. لأن مع القول بكون الجسم مركبا من الأجزاء التي لا تتجزأ، لا يبعد أن يحصل في الخردلة صفائح يغشى بها وجه السموات والأرضين. وإذا كان هذا المحذور لازما على الكل، فقد زال الاستبعاد» . والجواب عنه: إن مع القول بإثبات الجوهر الفرد، نعلم بالضرورة: أن ذلك محال. سلمنا: أنه يبقى احتماله، إلا أنه احتمال، لا يعرف، أنه هل هو ممكن، أو ممتنع في نفسه؟ وإن كنا لا نعرف امتناعه أما على القول بنفي الجوهر الفرد، فإنا نقطع بأن هذا الذي ألزمناه، يكون ممكن الوقوع. لا مرة واحدة، بل مرارا لا نهاية لها. لأنه لا صفحة توجد من تلك الخردلة، إلا وهي قابلة لانقسامات غير متناهية. وكل واحد منها، فإنه يقبل الانقسامات التي لا نهاية لها مرة واحدة.
فثبت: أن هذا المحال، إنما يلزم على قول من يقول: إن الجسم يقبل انقسامات لا نهاية لها.