فالحجة الأولى [1] : أن نقول: لو جرى حكم تحسين العقل وتقبيحه في أفعال الله، وفي أحكامه لقبح منه تكليف من علم أنه يكفر. وهذا باطل فذاك باطل.
بين الملازمة: إنا لا ندعي هاهنا أن صدور الإيمان منه ممتنع، إلا أنا نقول: إن هذا التكليف قبيح في الشاهد. وبيان ذلك بأمثلة:
المثال الأول: أن من بنى رباطا في مفازة مهلكة، وعلم علما يقينا لا ريب فيه أنه متى بنى ذلك الرباط، فإن اللصوص وقطاع الطريق يتخذون قلعة حصينة لأنفسهم ويعظم ضررهم على الناس، ويتعذر بسبب ذلك الرباط قهرهم ومنعهم. ثم إنه مع هذا اليقين يبني ذلك الرباط ويقول: ما أردت منه إلا أن يجتمع أولئك اللصوص فيه، ويتركون اللصوصية ويؤمنون الطرقات، ويعينون القوافل على ما لهم من المهمات والخيرات، فكل من اعتقد فيه أنه مع ذلك اليقين بنى ذلك الرباط قضى عليه بكونه ساعيا في فتح باب الآفات، والمخافات ويكذبونه في قوله: إني ما قصدت إلا الخير والنفع فكذا هاهنا.
المثال الثاني: كل من جمع بين عبيده وإمائه، وزين البعض في عين
(1) في الأصل: الفصل الثاني والعشرون.