فهرس الكتاب
الصفحة 412 من 2479

اعلم أن قولنا: إن هذا الشيء صار شيئا آخر: له تفسيران: أحدهما: أن تكون الذات المعينة موصوفة بصفة، ثم زالت عنه تلك الصفة، وحدثت فيه صفة أخرى. وهذا معقول. كقولنا: إن الماء صار هواء، فإن معناه: أن الجسم المعين كان موصوفا بالصفة المائية وزالت هذه الصفة عن ذلك الجسم، وحدثت فيه الصفة الهوائية، وهذا معقول جائز. وأما التفسير الثاني: وهو أن تصير نفس هذه الحقيقة بعينها نفس حقيقة أخرى، فهذا قول باطل. والدليل عليه: أنهما عند الاتحاد إما أن يكونا باقيين، أو يكونا معدومين، أو يكون أحدهما باقيا، والآخر معدوما، فإن كانا عند الاتحاد باقيين، فهما أثنان لا واحدا، فكان القول بالاتحاد باطلا. وإن كانا معدومين فهما قد عدما وهذا الذي حصل وحدث، شيء ثالث مغاير لهما، وهذا معقول، إلا أنه ليس هذا من باب الاتحاد، وأما إن قلنا: إن عند الاتحاد يكون أحدهما باقيا، ويكون الثاني فانيا، فهذا أيضا باطل لأنهما لو اتحدا، لزم أن يقال: إن الموجود عين المعدوم، وذلك باطل قطعا، فثبت: أن القول بالاتحاد محال. ولقائل أن يقول: القول بالاتحاد له تفسير معقول صحيح وذلك لأنه ثبت أن الوجود زائد على الماهية، فإذا كان لكل واحدة من هاتين الماهيتين، وجود على حدة، كان ذلك مبطلا للاتحاد، وأما إذا حصل لهما معا وجود واحد، فهذا هو الاتحاد. وذلك لأنه لما كان لكل واحد منهما وجود على

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام