اعلم: أن التناسخ، أثبته بعضهم. وأنكره الباقون.
أما مثبتو التناسخ: فقد اختلفوا من وجوه.
الأول: إن كل من قال بالتناسخ قال بجواز انتقال النفوس البشرية إلى أبدان البهائم والسباع وبالضد. وهل يجوز انتقالها إلى أجسام النبات والمعادن أم لا؟ اختلفوا فيه.
والثاني: إن أهل التناسخ. فريقان: منهم من يقول بقدم العالم. ومنهم من يقول بحدوثه.
أما القائلون بقدم العالم فقالوا: إن هذه النفوس كانت قبل كل بدن، في بدن آخر، لا إلى أول.
وأما القائلون بحدوث العالم، فقد أقروا بأن تتعلق النفوس بالأبدان أولا. ثم اختلفوا. فقال «محمد بن زكريا الرازي» : النفوس كانت مباينة عن الهيولى وغافلة عنه، ثم اتفق لها التفات إلى الهيولى، وعشق إليه، فتعلقت به. فإذا فسد البدن، وكان ذلك العشق باقيا، فهي تعود إلى بدن آخر، ولا تزال تنتقل من بدن إلى بدن آخر، إلى الوقت الذي يزول ذلك العشق، وتحصل النفرة. فحينئذ تفارق ذلك البدن، ولا تعود إلى بدن آخر. وقد