اعلم: أن القوم زعموا: أن هذه الآلام الموجودة في هذا العالم، إنما حصلت بتخليق [الله تعالى [1] ] وثبت: أنه رحيم ناظر لعباده، فوجب أن يقال: إن هذه الآلام عقوبات أوصلها الله إليهم، جزاء على ذنوب صدرت منهم، قبل ذلك. ولما [رأينا [2] ] أنه لم يصدر عنهم الذنوب، حال كونهم في هذه الأبدان، علمنا: أن هذه الأرواح كانت في أبدان أخرى. فأقدموا على الذنوب هناك، فاستوجبوا العذاب عليها، فنقلت تلك الأرواح إلى هذه الأبدان، وأوصلت هذه الآلام إليها، عقوبة على تلك الجنايات.
فإذا قيل لهم: يقتضي أنهم أقدموا على المعصية في تلك الأبدان السابقة. والإقدام على المعصية مشروط بسبق التكليف، والتكليف أضرار.
فهذا يقتضي أن الإله الحكيم أوصل الضرر إليهم ابتداء. فإن جاز ذلك، فلم لا يجوز أن يقال: إنه تعالى يوصل المضار إليها في هذه الحياة، من غير سبق هذه الأمور التي تذكرونها، وإن لم يجز هذا فقد فسد قولكم؟
فعند هذا انقسم القائلون بالتناسخ إلى قسمين:
(1) من (ت) .
(2) من (ط) .