[178] ماهيات متساوية، في كونها مقادير، وأما كون ذوات الأجسام قابلة لهما. فهذا أيضا معقول مشترك فيها بين الكل، إلا أنه ثبت في علوم العقل أن الأشياء المختلفة لا يمتنع اشتراكها في بعض اللوازم، فيمتنع كون ذات الأجسام مختلفة بحقائقها المخصوصة، ومتباينة بماهياتها المعينة، ومع ذلك فإنها تكون مشتركة في هذه القابلية، فثبت بهذه [الدلالة] [1] أنه لا يلزم تساوي في الأجسام في القبول الذي هو الحجمية والمقدار، وفي كونها بأسرها قابلة له، وكون ذواتها المعينة وحقائقها المخصوصة متساوية. إذا عرفت هذا فنقول: المعلوم عندنا من الجسم أنه شيء يلزمه قبول المقادير الثلاثة، فأما أن ذلك بحسب [ماهيته المخصوصة] [2] ما هو؟ فغير معلوم عندنا، وإن لم يكن معلوما عندنا لم نقدر على أن نحكم بمقتضى الفطرة الأصلية بكونها متماثلة ومختلفة. فيثبت بهذا البيان: ان إثبات كون الجسم متماثل في تمام حقائقه المخصوصة، أمر في غاية الصعوبة. والذي حصلناه في هذا الباب: أن نقول: لا شك أن الأجسام متساوية في طبيعة الحجمية والمقدار، وهذا القدر أمر معلوم [3] بالبديهة، ثم نقول: هذه الأجسام التي علمنا كونها متساوية في طبيعة الحجمية نعلم أيضا من حالها كون كل واحد منها مغاير للآخر، ومخالفا له في تعينه الشخصي، وهذا أيضا معلوم. ثم نقول: هذه الأشياء المتساوية في الحجمية، المتباينة في التعين والتشخص، إما أن تكون مختلفة بالماهية، [أو لا تكون. فإن لم تكن مختلفة بالماهية] [4] فحينئذ يصح قولنا: إن الأجسام متماثلة في تمام ماهياتها وحقائقها. وذلك هو المطلوب. وأما إن قلنا: إنها مختلفة بالماهية، فنقول:
فعلى هذا التقدير حصل الاستواء. بينهما في الحجمية، والاختلاف في الحقيقة، وما به المشاركة غير ما به المخالفة، فوجب أن تكون بحجميتها وبحيزها مغايرة لتلك الحقائق المخصوصة التي لأجلها حصل الاختلاف. فنقول: فعلى هذا التقدير ينقسم ذلك إلى ثلاثة أقسام، لا مزيد عليها، لأنه إما أن يقال:
(1) من (س) .
(2) من (س) .
(3) مغاير (س) .
(4) من (س) .