فهرس الكتاب
الصفحة 2252 من 2479

[132] الأول كان إثبات كون العبد موجدا بالدلائل السمعية، إثباتا للأصل بالفرع وإنه يوجب الدور. وإن كان الثاني، فحينئذ لا يلزم من القدح في كون العبد موجدا، تعذر الاستدلال بالآيات والأحاديث. فإن قالوا: مقصودنا من ذكر الآيات والأحاديث في بيان كون العبد موجدا: ليس هو إثبات ذلك في نفس الأمر، بل مقصودنا: إلزام الخصم. وذلك لأن المجبرة لما كانوا معترفين بأن القرآن حجة. فإذا ثبت أن القرآن يدل على كون العبد موجدا لأفعال نفسه، فقد حصل الإلزام. فنقول: فاقبلوا منّا مثله. فإن المعتزلة لما سلّموا أن القرآن حجة، ثم دل القرآن على أن موجد أفعال العباد هو الله تعالى. فحينئذ يحصل الإلزام والإفحام. فثبت: أن ما ألزموه علينا، لازم عليهم.

وبالله التوفيق

البحث الثالث في أن القرآن هل يصير مطعونا فيه بسبب ما فيه من الآيات الدالة تارة على الجبر، وأخرى على القدر؟

قالوا: إن الجبرية تمسكوا بآيات كثيرة، قوية الدلالة على الجبر.

والقدرية أيضا تمسكوا بآيات كثيرة، قوية الدلالة على القدر. فترى كل واحد من هذين الخصمين، إذا حاول الجواب عن دلائل خصمه، فإنه يحتاج إلى تأويلات مستكرهة، ووجوه متعسفة. ولا يليق بالحكيم أن يتكلم بكلام، ويريد به تلك المعاني. فعلمنا منهم أن القرآن مشتمل على التناقض. ثم الذاكرون لهذا السؤال فريقان. منهم من ينكر نبوة محمد عليه الصلاة والسلام فيستدل بهذه الشبهة على قوله، ومنهم من يقر بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام.

وحينئذ يستدل بهذه الآيات المتعارضة على أن القرآن قد دخله التغيير والتحريف، وأنه ما بقي كما أنزله الله. فإن من المحال أن يقول الحكيم كتابا يشتمل على هذا الحد من التناقض.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام