[202] الثالث: العالم بشرط كونه مسبوقا بالعدم سبقا زمانيا، ممتنع الحصول في الآن [1] ، لأن الجمع بين النقيضين محال، ثم فيما لا يزال [2] حدث ذلك الإمكان، وحدوث ذلك الإمكان ليس بالفاعل، لأن كل ما بالغير فإنه واجب الارتفاع عند ارتفاع ذلك الغير، وكون العالم صحيح الوجود فيما لا يزال [3] ، أمر ثابت لذاته، لا لأجل [4] سبب منفصل. فعلمنا: أن هذه الصحة حدثت وتجددت لا لفاعل بل لذاته، فثبت بما ذكّرنا: أن حدوث الشيء لذاته معقول في الجملة.
سلمنا: أن كل ما ذكرتم يدل على أن كل محدث ممكن، لكنه معارض بوجوه دالة على أن القول بوجود شيء ممكن الوجود محال:
الحجة الأولى: إنا إما أن نقول: الوجود نفس الماهية، وإما أن نقول:
الوجود غير الماهية. وعلى كل واحد من القولين فالقول بالإمكان باطل. أما على القول بأن الوجود نفس الماهية، فنقول: الإمكان غير معقول. وذلك لأن الشيء الموصوف بإمكان الوجود والعدم، هو الذي يكون تارة موصوفا بالوجود، وأخرى موصوفا بالعدم. والوجود يمتنع بقاؤه حال العدم. فيثبت:
أن بتقدير أن تكون الماهية عين [5] الوجود، يستحيل الحكم على الماهية بإمكان الوجود والعدم. وأما على القول بأن الوجود غير الماهية، فنقول: إن على هذا القول [6] الموصوف بالإمكان. إما أن يكون هو الماهية أو الوجود، أو كون الماهية موصوفة بالوجود. والكل باطل [7] . أما أنه لا يجوز أن يكون الموصوف بالإمكان هو الماهية. فلأنا إذا قلنا: «السواد يمكن أن يكون سوادا» «يمكن أن لا يكون سوادا» [كان معناها: أن السواد يمكن أن يحكم عليه بأنه غير سواد. وذلك محال. لأنه يقتضي أن يكون حال كونه سوادا، يمكن أن لا يكون سوادا [8] ] وذلك جمع بين النقيضين. وهو محال. وأما أنه لا يجوز أن
(1) من الأزل (ز) .
(2) في الآن (س) .
(3) في الأبدال (س) .
(4) لذاته لأجل (س) .
(5) من (س) .
(6) التقدير (س) .
(7) محال (س) .
(8) من (س) .