[271] الحجة التاسعة: إن العلل العالية منزهة عن البخل، موصوفة بالجود، وإفادة الرحمة فامتناعها عن ذلك [1] قبل الدعاء، يدل على امتناعها في أنفسها.
إما بحسب الامتناع الذاتي، أو لأجل أنها على ضد المصلحة الملائمة [2] للعالم.
الحجة العاشرة: اتفق جمهور أرباب الرياضيات: على أن الرضا بالقضاء: باب الله الأعظم. والإقدام على الدعاء: خوض في التصرف من غير الإذن. والسكوت بالقلب وباللسان. هو الرضا. فوجب أن يكون هذا هو المنهج الأكمل، والطريق الأفضل.
فهذا بيان شبهات المنكرين للدعاء.
وأما المعترفون بأن الاشتغال بالدعاء: طريق نافع، ومنهج مستقيم. فقد ذكروا فيه فوائد:
الفائدة الأولى: إن النفس بمقتضى جوهرها [وموجب فطرتها [3] ]:
مجبولة على حب اللذات الجسمانية، والأغراض العاجلة. وأما الإعراض عن هذه الطريقة، والإقبال على الله بالكلية، فعلى خلاف عادتها، وعلى مناقضة فطرتها.
إذا عرفت هذا فنقول: الداعي إذا اعتقد أن له في الدعاء غرضا.
فلأجل تحصيل ذلك الغرض تتوجه النفس إلى جانب جلال الله تعالى، وتصر وتلح [في ذلك الطلب [4] ] وذلك الإصرار والإلحاح يوجب استغراق النفس في الإقرار بكمال قدرة الله تعالى، ونفاذ [5] قدرته ومشيئته في جميع أجزاء العالم الأعلى والأسفل. وبهذا الطريق يحصل للنفس هذه السعادة، وكلما كانت المواظبة على هذه الطريقة أكثر، كان الانقطاع عن العالم الأسفل أكثر،
(1) ذلك الفعل (م) .
(2) مصلحة العالم (ل) .
(3) سقط (ل) .
(4) سقط (ل) .
(5) ونفاذ مشيئته (ل) .