فهرس الكتاب
الصفحة 716 من 2479

[283] لإحراق إنسان فإنه يسلب عنها تلك الطبيعة. وإذا كان هذا ممكنا في قدرة الله كان إبقاؤها على طبيعتها في الإحراق عند ملاقاة بدن الإنسان: شرا يمكن إزالته. وأيضا: الشر سام ويحدث ورما في غشاء الدماغ والطبيب يقدر على إزالة ذلك الورم بالمسهل الخفيف. فإن كان الإله يعجز عنه فهذا الطبيب الحقير أكمل قدرة من الإله؟ وأيضا: الملك الكبير إذا استولى على أقوام، فإن وقع في قلبه داعي يدعوه إلى الإحسان إليهم تخلصوا بسبب حصول تلك الداعية في قلبه من القتل والنهب. فإن كان إله العالم عاجزا عن خلق تلك الداعية في قلبه، فما أعظم هذا العجز وإن كان قادرا عليه، ولم يفعل، فما أعظم هذا الشر.

فإن قالوا: هذا إنما يلزم إذا كان إله العالم مختارا، فهو باختياره تارة يخلق الطبيعة النارية في جسم النار، وتارة يزيلها عنها. أما إذا قلنا: إنه موجب بالذات فقد سقط هذا الكلام. وهكذا القول في سائر الأمثلة. فنقول: إنا قد بينا: أنه متى كان المبدأ الأول موجبا بالذات، كان هذا البحث ساقطا عديم الفائدة. والحاصل: أن إله العالم، إن كان موجبا بالذات، كان هذا البحث غير محتاج إليه البتة، وإن كان قادرا مختارا كان هذا البحث باطلا. فظهر أنه على جميع التقديرات باطل.

وأما الأصل الثاني وهو قوله: المفاسد مرجوحة بالنسبة إلى المصالح: فنقول: هذا محض المغالطة. وتقريره: يجب أن يكون مسبوقا بمقدمة.

وهي أن نقول: بقاء الإنسان سليما عن الآفات غير، وبقاؤه مع اللذة والسرور غير، فنقول: المقصود من تخليق الإنسان والحيوان. إما البقاء على السلامة عن الآفات، وإما الفوز باللذة والبهجة. والأول [1] : باطل. لأن حال البقاء على العدم الأصلي كان هذا المقصود حاصلا، فيثبت أن المقصود من التخليق يجب أن يكون هو هذه اللذة والبهجة والسرور. وإذا عرفت هذا فنقول: إن كان المراد من قولكم: الخير غالب، والشر مغلوب: هو أن

(1) الأول (س) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام