[97] الأولى. ومعلوم أن ذلك محال باطل [1] ، فوجب القول بأن تأثير العلة الأولى، في هذه الآثار ليس على سبيل الوجوب واللزوم، بل على سبيل الصحة والاختيار، وذلك يدل [2] على أن إله [3] العالم فاعل بالاختيار لا موجب بالذات. فإن قالوا: نحن لا نقول إن عدم المعلول يوجب عدم العلة، بل نقول إنه يكشف عنه، بمعنى أنا نقول: لولا أن العلة عدمت أولا، حتى لزم من عدمها عدم هذا المعلول، وإلا لم يعدم هذا المؤثر [4] . قلنا: الحق ما ذكرتم إلا أنه لا يقدح في غرضنا. فإنا نقول: إذا كان عدم المعلول يدل على أن العلة قد ارتفعت أولا، وعدمت أولا، حتى لزم من عدمها عدم هذه المعلولات. فعدم هذه المعلولات يدل على أن تلك العلة الأولى قد ارتفعت أولا، وحينئذ يلزم المحال [5] المذكور. أما إذا قلنا: إنه تعالى يؤثر في وجود العالم على سبيل الصحة والاختيار، فحينئذ لا يكون وجود هذه الآثار من لوازم ذاته، فلم يلزم من عدم هذه الآثار وارتفاعها عدم تلك الذات المخصوصة.
الحجة الخامسة: لو كان المؤثر في وجود العالم موجبا بالذات، لا فاعلا بالاختيار فحينئذ يلزم من قدم ذلك المؤثر، قدم الأثر، فيلزم أن يكون القديم مفتقرا إلى المؤثر. وذلك محال. لأن ذلك القديم لا حال له إلا حال البقاء، ففي أي وقت فرضناه مفتقرا إلى المؤثر، يلزم افتقار الباقي إلى المؤثر. وذلك محال، لأنه يلزم [6] تكوين الكائن وتحصيل الحاصل. وهو محال.
الحجة السادسة: لو كان المؤثر في وجود العالم موجبا بالذات، لزم قدم العالم، وذلك محال. لأن القول بوجود القدماء الكثيرة محال، لأن القدم عبارة عن سلب المسبوقية بالعدم، وليست صفة وجودية، وإلا لكانت تلك الصفة أيضا مسبوقة بعدم آخر، ويفضي إلى التسلسل، ولما ثبت أن القدم عبارة عن
(1) باطل سقط (س) .
(2) يدل (س) .
(3) أن العالم (م) .
(4) المعلول (م) المؤثر (س) .
(5) المحذور (م) .
(6) لا يلزم (س) .