[95] الفلكية، وعن المقدار المعين، وعن الشكل العين، وعن الوضع المعين، وبالجملة فله من كل مقولة من المقولات العشر نوعا واحدا وأنواعا كثيرة. فإذا وزعنا [1] هذه الأشياء على الجهات الثلاثة الحاصلة في العقل الأول. وهي الإمكان والوجود، والوجوب بالغير، لزم أن يصدر عن الشيء الواحد أكثر من الواحد. فإن جوزوا ذلك فلم لا يجوز ما مثله في المبدأ الأول؟ وإن لم يجوزوا ذلك فكيف جوزوه هاهنا؟
الحجة الثانية عشر: إن العقل الأول جوهر مجرد عن المادة، وكل ما كان كذلك فإنه يعقل ذاته، ويعقل جميع معلوماته، لما ثبت أن العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول وهذه العلوم صور كثيرة، لأن عند الفلاسفة لما كان العقل عبارة عن صورة مساوية للمعقول في العاقل [2] ، فإن كانت المعقولات مختلفة بالماهية كانت تعقلاتها صورا متساوية، لها (في الماهية) [3] فتكون هذه التعقلات صورا مختلفة، فلا بد لها من علة. فإذا أسندناها إلى ماهية العقل الأول، فتلك الماهية اقتضت الامكان. فلو اقتضت هذه التعقلات فقد صدر عن تلك الماهية معلولات. وإن أسندناها إلى المبدأ الأول فقد صدر عنه وجود العقل الأول، فلو صدر عنه مع ذلك عقله لذاته، لكان قد صدر عنه معلولين. فثبت: أن على كل التقديرات، الإشكال لازم على القوم. وإن العذر الذي ذكروه وعولوا عليه باطل.
وأما السؤال الثاني: وهو قوله: الصادر عنه هو الوجود، وهو شيء واحد. والتعدد والتكثر إنما يحصل بسبب تعدد القوابل. فالجواب عنه: أنا لا نسلم أن الصادر عن العلة الأولى [4] ليس إلا الوجود. قوله: لو كانت العلة علة للماهية، لكان عند فرض عدم تلك العلة وجب أن تنقلب الماهية. قلنا:
وهذا لازم عليكم في الوجود، فإنه لو كانت العلة علة للوجود، لكان عند عدم
(1) فرعنا (س) .
(2) في الماهية (م) في العاقل (س) .
(3) من (م) .
(4) الأولى (س) .