[212] وأما إثبات العلة: فهو أنا ندعي أن احتياج أفعالنا إلينا، إنما كان لأجل حدوثها. والدليل عليه: أن احتياج أفعالنا إلينا. إما أن يكون لقدمها السابق، أو لحدوثها، أو لبقائها. والأول باطل. لأن العدم السابق لا تعلق له بالفاعل. والثالث أيضا باطل. لوجهين: الأول: إنه لو احتاج [الباقي] [1] إلى الفاعل، لكان هذا [2] تحصيلا للحاصل. وهو محال.
والثاني: إن البناء قد يبقى بعد فناء الباني، والنقش قد يبقى بعد فناء النقاش. ولما بطل هذان القسمان، علمنا: أن علة الحاجة[هي الحدوث.
فثبت: أن أفعالنا محتاجة إلينا، لأجل حدوثها، وثبت: أن علة الحاجة هي الحدوث. ولما ثبت أن الأجسام محدثة، كانت علة الحاجة] [3] إلى الفاعل حاصلة فيها، فوجب القطع بافتقارها إلى الفاعل. هذا تمام تقرير هذا الدليل.
والاعتراض عليه من وجوه:
الأول: لا نسلم وقوع أفعالنا بنا. قوله: «الدليل عليه: أنه يجب وقوعها عند دواعينا، ويجب بقاؤها على العدم عند صوارفنا. وذلك يقتضي وقوعها بنا» قلنا: القول بأن أفعالنا يجب وقوعها عند دواعينا، ويمتنع وقوعها عند عدم دواعينا: لا يستقيم [4] على قول المعتزلة. والدليل عليه: أن تلك الأفعال إذا كانت [واجبة] [5] الوقوع عند حصول هذه الإرادات، وكانت ممتنعة الحصول عند حصول الكراهات، فحصول تلك الإرادات والكراهات، إن كان من العبد، افتقر العبد في إحداثها إلى إرادات أخرى، ولزم التسلسل وهو محال. وإن لم يكن حدوثها من العبد، بل من الله [تعالى، فعند ما] [6]
(1) من (س) .
(2) قيدا (ت) .
(3) من (ت) .
(4) فاسد (س) .
(5) من (س) .
(6) من (س) .