فهرس الكتاب
الصفحة 193 من 2479

[211] وقوعها عند دواعينا الخالصة، ويجب انتفاؤها عند قيام الصوارف. وإذا كان [الأمر [1] ] كذلك، وجب القطع بكونها واقعة بنا لا بغيرنا.

والدليل على وجوب وقوعها عند حصول الدواعي القوية: أن الصائم في الصيف [الصائف] [2] إذا اشتدت شهوته لشرب الماء والشارع يأمره بالشرب، والطبيب يأمره بالشرب [3] ، وعلم هذا الإنسان أنه لا مضرة في هذا الشرب، لا في دينه ولا في دنياه: فإنه يحصل له عند هذا الشرب أعظم اللذات. فإن عند حضور هذه الاعتقادات في قلبه: يستحيل أن لا يشرب الماء. فثبت: أن الفعل عند توفر الدواعي الخالصة عن الصوارف واجب الوقوع. والدليل على أن الفعل ممتنع الوقوع عند حصول الصوارف الخالصة: أن من علم ما في دخول النار من الضرر العظيم، وعلم أنه لا منفعة له في دخولها البتة. لا في الحال ولا في الاستقبال، ولا يتوسل بذلك الدخول إلى دفع ضرر أعظم [ضررا] [4] منه فإن عند حضور هذه الاعتقادات في قلبه، يمتنع منه دخول النار.

فيثبت بهذا البيان: أن عند خلوص الدواعي، يجب حصول الأفعال، وعند خلوص الصوارف، يمتنع حصولها. وإذا ثبت هذا، فنقول: وجب القطع بأن هذه الأفعال واقعة بنا لا بغيرنا. لأنه لو لم يكن وقوعها بنا، لكان وقوعها إما أن يكون لا لمؤثر، أو لمؤثر غيرنا. وعلى التقديرين فكان لا يمتنع أن تقع وإن كرهناها، ولا أن لا تقع وإن أردناها. كما أن فعل زيد، لما لم يمكن واقعا بعمرو، لا جرم ربما وقع وإن كرهه عمرو، وربما لا يقع وإن أراده عمرو. وذلك يقدح فيما بيناه من أن تلك الأفعال واجبة الوقوع عند توفر الدواعي، وممتنعة الوقوع عند توفر الصوارف. فيثبت بهذا البيان الذي ذكرناه: أن أفعالنا واقعة بنا. وهذا هو إثبات أصل القياس المذكور.

(1) من (س) .

(2) سقط (س) .

(3) به (س) .

(4) من (س) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام