[151] البعض، ناقصا في البواقي، وهذا أيضا مختلف الحال. فقد يكون الإنسان كامل القدرة على تحصيل نوع دقيق غامض من العلوم، وقد يكون عاجزا عن تحصيل نوع آخر [خسيس ضعيف [1] ] وقد رأيت أقواما كانوا أقوياء في المنطق والهندسة، فلما خاضوا في النحو والتصريف ضعفت عقولهم، وتبدلت أذهانهم، بل قد رأيت جماعة كانوا أقوياء في الهندسة وضعفاء في الحساب، مع شدة القرب بينهما.
والنوع الثاني من الاختلاف في هذا الباب: أن فيهم من يكون السريع الحفظ بطيىء النسيان. وهذا هو القسم الأشرف. وفيهم من يكون بطيء الحفظ سريع النسيان، وهو القسم الأخس، ومنهم من يكون سريع الحفظ سريع النسيان، أو بطيء الحفظ بطيء النسيان. وهذان القسمان متوسطان.
والنوع الثالث: الاختلاف الحاصل بحسب الفهم. فإن الإنسان إما أن يفهم الشيء فهما صحيحا. وإما أن لا يكون كذلك. أما الذي يفهم فهما صحيحا. فيعتبر حاله من وجهين:
أحدهما: أن هذا الفاهم قد يقدر على الاستنباط، وقد لا يقدر. والقادر على الاستنباط قد يقدر عليه في الأشياء العالية، وقد يقدر عليه في الفروع الخسيسة الضعيفة.
وثانيهما: أن الإنسان قد يكون بحيث إذا علمته مسألة تعلمها سريعا، إلا أن تلك المسألة التي تعلمها، إذا اختلطت بالكلمات الأجنبية، وامتزجت بالمقدمات التي لا تناسبها، فإن ذلك الإنسان لا يعرف أن هذه المسألة هي [تلك المسألة [2] ] التي تعلمها وأحكمها، وقد يكون بحيث إذا تعلّم مقدمة وعرفها، ثم اختلطت تلك المقدمة بألف مقدمة أجنبية غريبة عنها، فإنه في الحال يعرفها، ويعلم أنها هي تلك المقدمة التي عرفها أولا، وكنت أسمي القسم الأول بالخاطر الضعيف، والثاني بالخاطر القوي.
(1) سقط (م) .
(2) سقط (م) ، (ط) .