فهرس الكتاب
الصفحة 1639 من 2479

[103] فوجب أن لا يحصل له ذلك العلم إلا بكسب جديد. وحيث لا يحتاج إلى هذا الكسب الجديد، علمنا أن محل العلوم باق من أول العمر إلى آخره.

والوجه الثالث: أنه إذا فني الأول وجاء الثاني فهذا الثاني غير الأول ولا خبر له من حال الأول [البتة [1] ] فوجب أن لا يحصل للإنسان علم بأحواله الماضية، وأن لا يحصل عنده من العلوم إلا العلوم بالأحوال الحاضرة. وحيث لم يكن الأمر كذلك، علمنا أن المشار إليه لكل أحد بقوله: «أنا» [شيء [2] ] باق من أول العمر إلى آخره.

فثبت بهذه البيانات: أن الجسد غير باق، لا بمجموعه ولا بشيء من أجزائه، وثبت: أن الإنسان باق. ومن العلوم البديهية: أن الباقي لا يكون [عين [3] ] ما هو غير باق. وهذا يقتضي أن الإنسان شيء مغاير لهذا البدن، وشيء مغاير لهذه الأعضاء المحسوسة التي منها يتولد هذا البدن. وهو المطلوب.

فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال: إن الإنسان عبارة عن أجزاء مخصوصة سارية في أجزاء هذا البدن، سريان النار في الفحم [وسريان ماء الورد في الورد، وسريان دهن السمسم في السمسم [4] ] ولا يقال: إن تلك الأجزاء لا بد وأن تكون من جنس الأجسام العنصرية. إما المفردة وإما المركبة. وعلى كلا التقديرين، فهي قابلة للانحلال والتفرق والتمزق. وحينئذ يعود الكلام المذكور من أنها غير باقية، والإنسان باق. فوجب أن يكون الإنسان مغايرا لها؟ لأنا نقول: لنا هاهنا مقامان: الأول: لم لا يجوز أن يقال: الأجسام مختلفة بالماهية فبعضها هذه الأجسام العنصرية، بسائطها ومركباتها. وبعضها أجسام مخالفة لها. أما الأجسام التي

(1) سقط (ط) .

(2) من (طا، ل) .

(3) سقط (ط، ل) .

(4) من (طا، ل) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام