فهرس الكتاب
الصفحة 1608 من 2479

[70] لو انقسم هذا العلم، لكان إما ينقسم إلى جزءين متشابهين أو مختلفين.

والقسمان باطلان، فبطل القول بكونه منقسما. وإنما قلنا: إنه يستحيل أن ينقسم إلى جزءين متشابهين لوجهين:

تبكي إذا ذكرت عهودا بالحمى بمدامع تهمى، ولما تقلع وتظل ساجعة على الدمن التي درست بتكرار الرياح الأربع إذا عاقها الشرك الكثيف وصدها قفص عن الأوج الفسيح المربع حتى إذا قرب المسير إلى الحمى ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع وغدت مفارقة لكل مخلف عنها، حليف الترب، غير مشيع سجعت، وقد كشف الغطاء فأبصرت، ما ليس يدرك بالعيون الهجع وغدت تغرد فوق ذروة شاهق والعلم يرفع كل من لم يرفع فلأي شيء أهبطت مع شامخ عال إلى قعر الحضيض الأوضع؟ إن كان أهبطها الإله لحكمة طويت عن الفطن اللبيب الأروع فهبوطها إن كان ضربة لازب لتكون سامعة بما لم تسمع وتعود عالمة بكل حقيقة في العالمين فخرقها لم يرقع وهي التي قطع الزمان طريقها حتى لقد غربت بغير المطلع فكأنها برق تألق بالحمى ثم انطوى فكأنه لم يلمع وتنقسم هذه القصيدة ثلاثة أقسام:

(1) سجن النفس: هبطت النفس من عل، وحلت في الجسد شقية سجينة. وهي إن ارتاحت إلى سكناه بعض الراحة، فحنينها أبدا إلى عالمها، وهناؤها إذ تعود إليه مغردة هانئة (بيت 114) .

(2) غاية اتحاد النفس بالجسد: لم حلت النفس في الجسد؟ ألتعرف كل شيء؟ إنها لم تعرف. (بيت 1815) .

(3) إنكار تناسخ النفس: ولن تعود النفس بالتناسخ، لكي تكمل معرفتها (بيت 2019) إننا نرى، في القسم الأول، صدى نظرية أفلاطون القائلة بوجود النفس قبل البدن، وهبوطها من عالم المثل إلى عالم الحس. ولكن أفلاطون يهبط النفس إلى الجسد لجناية صدرت عنها، ويقضي عليها بالتناسخ تكفيرا عن إثمها، وهذا ما لا يتفق وباقي القصيدة. فهل يكون ابن سينا بتر نظرية أفلاطون؟

ثم إن ابن سينا لا يسلم، في باقي كتبه بوجود النفس قبل البدن. فهل يمكن أن يسلم به هنا؟ وعليه نرى أن نجعل من «المحل الأرفع» العقل الفعال، فيتلاءم ما في القصيدة مع باقي كتب ابن سينا.

[من كتاب «النفس البشرية عند ابن سينا» للدكتور ألبير نصر نادر] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام