[174] باب إثبات أن واجب الوجود) [1] لذاته واحد، وأما بيان أن الأجسام ليست واحدة بل كثيرة، فهذا أمر مشاهد، فلا حاجة في إثباته إلى الحجة. واعلم أن المباحث على الدليل المذكور، في أن واجب الوجود يمتنع أن يكون أكثر من واحد كثيرة، وهي مذكورة في موضعها (اللائق بها) [2] .
الحجة الرابعة في بيان أن الأجسام ممكنة الوجود لذواتها:
إن الأجسام متساوية في الجسمية، ومتباينة في التعين، وما به المشاركة غير ما به الممايزة، وكل واحد منها مركب من الجسيمة التي بها يشارك سائر الأجسام، ومن التعين الذي به يمتاز عن سائر الأجسام. إذا ثبت هذا فنقول: إما أن تكون الجسمية مستلزمة لذلك التعيين، وإما أن يكون ذلك التعين مستلزما للجسمية، وإما أن لا يكون كل واحد منهما مستلزما للآخر. والأول باطل، وإلا لزم أن يكون كل جسم موصوفا بذلك التعيين، فيكون كل جسم ذلك المعين، هذا خلف.
والثاني أيضا باطل، وذلك لأن تعين ذلك الجسم نعت من نعوته، وصفة من صفاته، ونعت الشيء يفتقر إلى ذلك الشيء، والمفتقر إلى الشيء لا يكون علة له، فثبت أنه لا الجسمية علة لذلك التعين، ولا ذلك التعين علة للجسمية، ولما بطل هذان القسمان وجب أن يكون اجتماع (هذين) [3] القيدين معلول علة منفصلة، وإذا كان (كذلك) [4] وجب أن يكون كل جسم معين معلولا لعلة منفصلة، وكل ما كان كذلك فهو ممكن لذاته واعلم أن هذه الحجة، مبينة على أن التعين مفهوم ثبوتي، والكلام فيه قد تقدم في هذا الباب.
الحجة الخامسة في إثبات أن الأجسام ممكنة لذواتها:
أن نقول: إن كل متحيز [5] منقسم بالدلائل المذكورة في مسألة نفي الجزء الذي لا يتجزأ، وكل منقسم فهو مركب، وكل مركب فهو ممكن الوجود لذاته بالدليل الذي سبق
(1) م (ز) .
(2) من (ز) .
(3) أن يكون (س) .
(4) من (ز) .
(5) متحرك (س) .