[18] يتصور العمق والثخن. فإنه لا يمكنه البتة تصور كيفية حصول هذه الزوايا الثلاثة المتقاطعة على القوائم. فيثبت: أن تصور هذه الخاصية مشروط بسبق تصور ماهية الجسم. فلو عرفنا ماهية الجسم بهذه الخاصية لزم تعريف الشيء بما لا يعرف إلا به. وذلك باطل، ومنهي عنه في المنطق.
الخامس: إن بتقدير أن يكون الحق هو أن الجسم مركب من الأجزاء التي لا تتجزأ، كان الطول عبارة عن تلك الأجزاء المتألفة [1] في سمت واحد، والسطح عبارة عن تلك الأجزاء المتألفة في سمت الطول والعرض معا. وعلى هذا التقدير فالطول والعرض والعمق: ذوات قائمة بأنفسها، لا صفات قائمة بالغير. فيمتنع الحكم بكونها أمورا مقبولة [2] لقابل، ونعوتا لذات أخرى.
فيثبت بهذه الوجوه: أن هذا التعريف باطل. وإنما الصواب أن يقال: الجسم عبارة عن هذا الحجم، وعن هذا الثخن. ثم يقال: من خواص هذه الذوات أنه يمكن أن يحصل فيها زوايا [3] ثلاثة قائمة متقاطعة على نقطة واحدة. فجعل هذه الصفة خاصية من خواص الجسم: جائز. أما جعلها معرفة لماهيته، فذلك باطل على ما قررناه.
(1) المبالغة (م) .
(2) مقبول لقائل ويوقا (م)
(3) زوايا متقاطعة واحدة (م) .