[395] هذه الاعتبارات على الجهات الثلاث، لزم أن يصدر عن الواحد أكثر من الواحد. بل نقول: لا شك أن جوهر الفلك قابل للقسمة الوهمية، وسنبين في مسألة الجوهر الفرد، بالدلائل القاهرة [1] أن كل ما يقبل القسمة المقدارية الوهمية، فإن ذاته مؤلفة ومركبة من الأجزاء. وإذا كان الأمر كذلك كانت ذات الفلك الأعلى، مركبة من أجزاء كثيرة، لا يعلم عددها إلا الله. فكيف يمكن إسنادها إلى الجهة الواحدة؟ وأيضا: فإن أصحاب علم الأحكام اتفقوا على أن طبائع الروح مختلفة بحسب التأثيرات. واختلاف الآثار والألوان، يدل على اختلاف الملزومات. فهذا يقتضي أن تكون طبائع البروج مختلفة في الماهيات. فإسنادها بأسرها إلى الجهة الواحدة، يقتضي أن يصدر عن الواحد أكثر من الواحد [2] .
السؤال الخامس: هب أنكم اكتفيتم في الفلك الأقصى بتلك الاعتبارات الثلاث. فكيف قولكم في فلك الثوابت، مع أنه حصلت الكواكب الكثيرة فيه، وكل واحد منها مخالف للآخر في الطبيعة وفي اللون والمقدار؟ فعند هذا.
قال: الشيخ الرئيس أبو علي: إنه لم يظهر لي أن فلك الثوابت كرة واحدة، بل كرات متعددة [3] ينظر بعضها إلى بعض، فإنه بتقدير [أن تكون [4] ] تلك الكرة: كرات مختلفة. وتكون لكل واحدة من تلك الكرات: عقل ونفس على حدة. فحينئذ يندفع السؤال. إلا أنه يبقى الاعتراض من وجه آخر، وهو أن يقال: هب أنه كرات كثيرة، إلا أنه لا بد وأن يحصل في كل كرة: كوكب.
ولا شك أن جرم الكوكب، ممتاز عن جرم الفلك. وحينئذ يحصل الإلزام فيه.
السؤال السادس: ألستم قلتم: إن العقل الفعال هو المدبر لما تحت فلك القمر؟ فقد حكمتم بأنه هو العلة لوجود كل ما يحدث في هذا العالم من الصور
(1) القاهرة. فإن يقبل القسمة المقدار الوهمية (ت) .
(2) واحد (ط) .
(3) أو كرات ينظر بعضها (ت) بل كرات متعددة بعضها (ط) .
(4) من (ط، س) .