[378] والجواب عن الحجة الثانية: أن نقول: العلة الواحدة إذا صدر عنها الألف، وصدر عنها الباء ولا شك أن الباء غير الألف فههنا يصدق أن يقال: إنه صدر عنه الألف. وصدر عنه ما ليس بالألف. ولا يلزم أن يقال:
صدر عنه الألف، ولم يصدر عنه الألف. [لأنه لا فرق بين أن يقال: صدر عنه ما ليس بألف، وبين أن يقال: لم يصدر عنه الألف [1] ] ألا ترى أنهم قالوا: فرق بين قولنا بالإمكان ليس، وبين قولنا: ليس بالإمكان. وفرق بين قولنا: بالضرورة ليس، وبين قولنا: ليس بالضرورة. فكذا هاهنا: فرق بين قولنا: لم يصدر عنه الألف، وبين قولنا: صدر عنه ما ليس بالألف. والدليل القاطع على هذا الفرق: أنه لولاه لوجب أن لا يقبل الجسم الواحد، إلا صفة واحدة. لأنه لو قبل صفتين مختلفتين، لزم أن يصدق عليه: أنه قبل تلك الصفة، وأنه ما قبلها. وذلك محال [2] وأيضا: لو صح ما قالوه، لزم أن لا تحصل الذات الواحدة إلا وقتا واحدا، إلا أنه لو حصل في هذا الوقت، وحصل أيضا في الوقت الثاني، لوجب أن يصدق عليه: أنه حصل في هذا الوقت، وأنه لم يحصل في هذا الوقت. ولما كان ذلك باطلا، فكذا ما قالوه.
والجواب عن الحجة الثالثة: إنه لما حصلت الطبيعة النارية، ولم يوجد التبريد، وحصلت الطبيعة المائية، ولم يوجد التسخين، استدللنا بتخلف هذا الأثر عن ذلك المؤثر، على اختلاف ماهية المؤثرين [فأما لو لم يوجد هذا التخلف، فلا نسلم أن مجرد اختلاف الأثرين يدل على تغاير المؤثرين [3] ] وهل النزاع إلا فيه؟
والجواب عن الحجة الرابعة: إن العلة يمتنع كونها متساوية للمعلول في الماهية، لأنه ثبت في العقل: أن المتماثلات في تمام الماهية، يجب استواؤها في جميع اللوازم، فلو كانت العلة مماثلة للمعلول في تمام الماهية، لم يكن أحدهما
(1) من (ط، س) .
(2) باطل (ط، س) .
(3) من (ط، س)