[246] المتحرك. فيثبت: أن الجسم متى كان موجودا، وجب أن يكون، إما متحركا، وإما ساكنا.
فإن قيل: لا نسلم أن الجسم كلما [1] كان موجودا، وجب أن يكون متحيزا. وذلك لأن من الناس [من قال [2] ]:
الحجمية والتحيز صفة قائمة بمحل، وذلك المحل في نفسه، ليس بحجم ولا بمتحيز. ويسمون ذلك المحل: بالهيولى. وهذه الحجمية: بالصورة. فلم لا يجوز أن يكون الأمر كذلك؟ وبتقدير أن تكون تلك الذات خالية عن الحجمية، لم يجب كونها حاصلة في حيز أصلا؟ وحينئذ يبطل كلامهم.
سلمنا [3] أن الجسم كلما كان موجودا، كان متحيزا. لكن قولكم:
«وكل ما كان كذلك، وجب أن يكون حاصلا في حيز معين» كلام مبني على تصور أصل الحيز، فما المراد من هذا الحيز، الذي جعلتموه ظرفا لهذا الجسم؟
وتقريره أن نقول: هذا الشيء المسمى بالحيز، إما أن يقال: إنه عدم محض، ونفي صرف. وإما أن يكون موجودا.
فإن كان الحق هو الأول، امتنع كون الجسم واجب الحصول فيه. لأن جعل المعدوم ظرفا للموجود محال. وأما إن كان موجودا، فإما أن يكون مشارا إليه بحسب الحس، أو غير مشار إليه. والأول باطل. لأن المشار إليه، بحسب الحس إما أن يكون [كذلك [4] ] بحسب الاستقلال، أو بحسب التبعية. فإن كان الأول فهو الجسم [5] فالقول بأن الجسم حاصل في الحيز يكون معناه: أن الجسم حاصل في الجسم. فإن كان المراد من هذه الظرفية: الزمان فحينئذ يلزم تداخل الأجسام، وإن كان المراد منها المماسة، لزم أن يكون كل جسم متصلا بجسم آخر، إلى غير النهاية. وهو محال.
(1) متى كان (ط)
(2) من (ط، ت)
(3) سلمت (ط، ت)
(4) من (ط، س)
(5) المتحيز (ط، س)