[152] العلم الأول باقي. ومنهم من التزم التغير. وقال: العلم الأول غير باقي أما الفريق الأول. فقالوا: إن العلم بأن الشيء سيحدث هو نفس العلم بحدوثه إذا حدث فالعلم باقي والتغير واقع في المعلوم.
واحتجوا على صحة قولهم بوجوه: الأول: إنه تعالى يعلم بالعلم الواحد [1] جميع المعلومات. فلما لم يلزم من تكثر تلك المعلومات تكثر العلم. وجب أن لا يلزم أيضا من تغير المعلومات تغير العلم.
والثاني: إن العلم صفة ينكشف بها المعلومات كما هي. ونذكر لهذا المعنى مثالا. فنقول: إنا إذا فرضنا مرآة منصوبة على الجدار، فكل من مرّ بتلك المرآة انكشفت صورته فيها. فعند مرور الناس على تلك المرآة لا يزال ينكشف فيها صورة بعد صورة [2] إلا أن المرآة لم تتغير عن حالها. بل التغير إنما وقع في الناس الذين يمرون عليها [3] إذا عرفت هذا فنقول: العلم صفة متهيئة لإدراك ما يعرض عليها، فتلك الصفة باقية بحالها، والتغير واقع في المعلومات [4] .
الوجه الثالث: قالوا: إذا فرضنا أن إنسانا اعتقد أن زيدا يدخل الدار غدا، وفرضنا ذلك الاعتقاد إلى أن دخل زيد البلد، فإن تعين ذلك الاعتقاد [5] ، يصير معتقدا لكون زيد داخلا في البلد في هذه الساعة. فيثبت بما ذكرنا أن العلم بأن الشيء سيوجد نفس [6] العلم بوجوده إذا وجد.
والرابع: هو أن العلم صفة حقيقة قائمة بذات العالم وتعلقه بالمعلوم
(1) لو قال يعلم بعلمه لكان أفضل. فإن الواحد يفيد أنه يعلم بعلم ثان وثالث.
(2) غير صورة (س) .
(3) هل معنى ذلك أن الله لا يتأثر بمرور المعلومات كما لا تتأثر المرآة؟ التشبيه في غير موضعه.
(4) المعلومات (س) .
(5) لو قال فإن فرض ذلك الاعتقاد لكان أفضل.
(6) نفس (س) تعين (م) .