[44] بالبعد باطل. وصعوبة هذه المسألة تظهر في مباحث مسألة المكان. وأما الزمان فقد حارت العقول ودارت الرءوس في معرفته، وإذا تأملت في مسألة الزمان وأحاط عقلك بما في تلك المسائل من الدقائق العميقة [1] ، والمباحث الدقيقة، علمت أن هذه المسألة قد بلغت إلى أقصى الغايات، وأبلغ النهايات في الصعوبة (والخفاء) [2] .
وثالثها: العلم بحقيقة الجسم، وقد حارت العقول أيضا في أنه هل هو مركب من الأجزاء التي لا تتجزأ، أو ليس الأمر كذلك، بل هو قابل للقسمة إلى غير النهاية؟
ومن خاض في تلك المسألة وعرف قوة الدلائل من الجانبين، علم أنه لا حاصل عند العقل إلا الحيرة والدهشة والأخذ بالأولى والأخلق، فيثبت بهذا الاستقراء: أن حاصل العقل في (معرفة) [3] أظهر المعلومات ليس إلا محض الحيرة والدهشة، والأخذ بالأولى والأخلق، فما ظنك بالعقل عند العروج الى (باب) [4] كبرياء الله تعالى، وعند ما يحاول الخوض في البحث عن كنه عزته وصمديته وصفات جلاله وإكرامه من علمه وقدرته وحكمته؟ فهذا جملة الكلام في هذا الباب.
ومما يزيد هذا الكلام تقريرا [5] : أن أقوى المباحث العقلية باتفاق جمهور العقلاء: المباحث الهندسية، فليتأمل في كتاب أقليدس. يقول: إن أقسام المضلعات تبتدئ من المثلث وتمر إلى غير النهاية. ثم إن أقليدس أقام الحجة على إثبات المثلث والمربع في المقالة الأولى، ولما احتاج إلى اثبات المخمس احتاج إلى تقديم مقدمة عليه، وهو أنه عمل مثلثا يكون كل واحدة من الزاويتين اللتين
(1) بما في المسائل العميقة (س) .
(2) من (ز) .
(3) من (ز) .
(4) من (ز) .
(5) هذا البحث (س) .