[238] يلزم من مصادقات بعضها لبعض، تأديها بالآخرة إلى هذا الفعل على ما هو مذهبنا، وقولنا خاصة ويحتمل أن يكون المراد منه: علم الله تعالى بوقوع ذلك الفعل، أو حكمه بوقوعه. وعلى [1] جميع التقديرات، فقد بينا: أن العبد لا استقلال له بالفعل والترك.
الحجة الحادية والعشرون: ما روى أبو موسى الأشعري قال [2] : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض. فجاء بنو آدم على قدر الأرض. منهم الأحمر والأسود والأبيض والأصفر. ومن ذلك السهل والحزن والخبيث والطيب» واعلم: أن هذا إشارة إلى ما بينا من اختلاف الأمزجة. فوجب اختلاف الأخلاق والأفعال والعقائد. فمن كانت الصفراء عليه أغلب، كان الغضب والسبعية والقسوة عليه أغلب. ومن كان البلغم عليه أغلب، كان السكون والهدوء والبلادة عليه أغلب.
الحجة الثانية والعشرون: ما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إذ أقبل أبو بكر وعمر، ومعهما قوم [3] من الناس، قد ارتفعت أصواتهم. فكف رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الحديث وتسمع.
فلما دنوا، جاء أبو بكر فسلم على رسول الله وجلس إلى جنبه، ثم جاء عمر وسلم وجلس بعيدا منه. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «ما هذا الذي ارتفعت أصواتكم فيه؟ قال بعض القوم: يا رسول الله تكلم أبو بكر وعمر، واختلفا فاختلفنا باختلافهما. قال: «وما ذاك؟ » قالوا: في القدر [4] قال أبو بكر: يقدر الله الخير ولا يقدر الشر. وقال عمر: بل يقدرهما. فتبع بعض القوم أبا بكر، وبعضهم عمر. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «كيف قلت يا أبا بكر؟ » قال: قلت الحسنات من الله، والسيئات من أنفسنا. فأعرض عنه.
ثم أقبل على عمر، وقال: «كيف قلت يا عمر؟ » قال: قلت: الحسنات
(1) على (م) .
(2) يقول (م) .
(3) فتام (م) .
(4) القدرة (م) .