[114] التمسك بالدلائل اللفظية، لا يفيد إلا الظن.
ولنبين تلك الأمور العشرة: فالأول: [أن التمسك [1] ] بالدلائل اللفظية، يتوقف على نقل مفردات اللغة، ونقل النحو والتصريف. لكن رواية هذه الأشياء، تنتهي إلى أشخاص قليلين. لا يمتنع في العرف إقدامهم على الكذب. ومثل هذه الرواية لا تفيد إلا الظن.
الثاني: إن التمسك بالدلائل اللفظية، يتوقف على عدم الاشتراك. لأن بتقدير حصول الاشتراك، يحتمل أن يكون المراد من كل واحد من تلك الألفاظ المفردة أمرا، آخر غير ما تصورناه. وعلى ذلك التقدير يكون المراد من المركب، أمرا آخر، غير ما فهمناه. لكن عدم الاشتراك مظنون.
الثالث: ويتوقف أيضا على أن الأصل في الكلام: الحقيقة لأنه كما يستعمل اللفظ في حقيقته، فقد يستعمل في مجازه. فلو لم نقل: الأصل في الكلام الحقيقة. فربما كان المراد بعض مجازاته. وحينئذ يتغير المعنى لكن عدم المجاز مظنون.
الرابع: ويتوقف على عدم الإضمار وعدم الحذف. بدليل: أن الإضمار والحذف [واردان في كتاب الله. أما الحذف [2] ] فكثير منه قوله تعالى: قُلْ: تعالوْا أتْلُ ما حرّم ربُّكُمْ عليْكُمْ. ألّا تُشْرِكُوا بِهِ شيْئاً [3]
(1) من (ط، ل) .
(2) من (ط، ل) .
(3) سورة الأنعام، آية: 151، واعلم. أن على القول بأن «أن» في ألّا تُشْرِكُوا تكون مفسرة، لا تكون «لا» زائدة. والمعنى: أنه أي الحال والشأن: «لا تشركوا» يقول الزمخشري رحمه الله في الكشاف «وأن» في (ألا تشركوا) مفسرة، ولا للنهي. ويقول الزجاج رحمه الله نقلا عن مجمع البيان:
ما حرم ربكم في موضع نصب بقوله اتل. المعنى اتل الذي حرمه ربكم عليكم فتكون ما موصولة، وجائز أن يكون في موضع نصب بحرم، لأن التلاوة بمنزلة القول فكأنه قال أقول أي شيء حرم ربكم عليكم. أهذا أم هذا؟ فجائز أن يكون الذي تلاه عليهم قوله: «إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا» ويكون ألا تشركوا به منصوبة بمعنى طرح اللام أي أبين لكم