فهرس الكتاب
الصفحة 2060 من 2479

[122] عن الرسول المعظم. فعلمنا: أنه ما كانت دعوته البتة، إلى هذا الدين الخبيث، وإنما كانت دعوته إلى التوحيد والتنزيه 1.

ثم إن تلك الدعوة ما ظهرت البتة، بل بقيت مطوية غير مروية. فثبت أنه لم يظهر لدعوته إلى الحق أثر البتة.

وأما دعوة محمد عليه السلام إلى التوحيد والتنزيه، فقد وصلت إلى أكثر بلاد المعمورة، والناس قبل مجيئه كانوا على الأديان الباطلة. فعبدة الأصنام كانوا مشتغلين بعبادة الحجر والخشب. واليهود كانوا في دين [التشبيه، وصنعة التزوير، وترويج الأكاذيب. والمجوس كانوا في عبادة الإلهين 2] ونكاح الأمهات والبنات. والنصارى كانوا في تثليث الأب، والابن وروح القدس.

والصابئة كانوا في عبادة الكواكب. فكأن أهل العالم معرضين عن الدين الحق، والمذهب الصدق، فلما أرسله الله تعالى إلى هذا العالم، بطلت الأديان الباطلة، وزالت المقالات الفاسدة، وطلعت شموس التوحيد، وأقمار التنزيه من قلب كل أحد، وانتشرت تلك الأنوار في بلاد العالم. فثبت: أن تأثير دعوة محمد عليه السلام في علاج القلوب المريضة والنفوس الظلمانية، كان أتم وأكمل من تأثير دعوة سائر الأنبياء. فوجب القطع بأنه أفضل من جميع الأنبياء والرسل، في كل ما يتعلق بالنبوة والرسالة. وهذا برهان ظاهر من باب برهان الله. فإنا بحثنا عن حقيقة النبوة والرسالة. ثم بينا: أن كمال تلك الماهية، ما حصلت لأحد من الأنبياء، كما حصل لمحمد عليه الصلاة والسلام.

في الفصل الرابع بعد المائة من إنجيل برنابا وما بعده: «قال متى: يا معلم إنك لقد اعترفت أمام اليهودية كلها بأن ليس لله من شبه كالبشر. وقلت الآن: إن الإنسان ينال من يد الله. فإذا كان لله يدان، فله إذن: شبه بالبشر؟ أجاب يسوع: إنك لفي ضلال يا متى. ولقد ضل الكثيرون هكذا، إذ لم يفقهوا معنى الكلام، لأنه لا يجب على الإنسان أن يلاحظ ظاهر الكلام، بل معناه: أن الكلام البشري بمثابة ترجمان بيننا وبين الله. ألا تعلم أنه لما أراد الله أن يكلم آباءنا على جبل سيناء، صرخ آباؤنا: كلمنا أنت يا موسى. ولا يكلمنا الله لئلا نموت؟ وماذا قال الله على لسان أشعياء النبي: أليس كما بعدت السموات عن الأرض، هكذا بعدت طرق الله عن طرق الناس، وأفكار الله عن أفكار الناس؟ إن الله لا يدركه قياس، إلى حد أني ارتجف من وصفه الخ» .

سقط (ت) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام