فهرس الكتاب
الصفحة 1853 من 2479

[331] ذكره ما فيه من اللذات والراحات بما يميل طبعه إليه. وإذا أراد الملك منعه عنه ذكره ما فيه من المكروهات التي ينفر طبعه عنها.

والفرع الثاني: وهو أن أصحاب المكاشفات اضطربوا في ذكر الفرق المضبوط بين الخواطر الشيطانية، وبين الخواطر الرحمانية [1] ، وطالت كلماتهم فيه. وأنا أقول: إنا قد بينا: أن السعادات العقلية المتعلقة بعالم المفارقات، أكمل وأفضل من السعادات المتعلقة بعالم الجسمانيات. فكل ما دعاك إلى شيء من الروحانيات، فهو الداعية الرحمانية، وكل ما دعاك إلى شيء من لذات هذا العالم وخيراته، فهو الداعية الشيطانية. إلا أن هاهنا مغلطة يجب التنبه لها.

فإنه ربما ظن في الفعل في أول الأمر أنه من الداعية الرحمانية، ولا يكون كذلك، بل يكون من الداعية الشيطانية. وربما كان بالضد منه. ومثاله: أن من واظب على العلوم الحقيقية والزهد الخالص في الدنيا، فهذا قد يظن به أنه داعية رحمانية، لكن قد لا يكون الأمر كذلك، وذلك إذا كان مقصوده من ذلك العلم المباهاة على الأقران، وطلب الرئاسة في عالم الجسمانيات، ومن واظب على ترك الالتفات إلى الأمور المعتبرة في العرف والعادة، فهذا قد يظن به أنه داعية شيطانية. لكن قد لا يكون كذلك. إذا كان مقصوده منه: فطم النفس عن الالتفات إلى هذه الدنيا وطيباتها.

فيجب في كل فعل في القلب ميل إليه [أن ينظر فيه [2] ] فإن كان المقصود الأخير منه: التوجه إلى عالم الغيب فهو الداعية الرحمانية، وإن كان المقصود منه رعاية مصلحة من مصالح هذا العالم الجسماني، فهو الداعية الشيطانية. وهذه أبحاث عميقة، ينتفع بها في الدين [3] والدنيا. ونسأل الله [التوفيق [4] ] والخير والرحمة والكرم والنعمة.

(1) الروحانية (م) .

(2) زيادة.

(3) الدنيا والآخرة (ل، طا) .

(4) من (ل) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام