[276] النفوس الروحانية حين كانت النفوس [1] بدنية كانت تحت غبار وبخار، فلما زال البدن أشرقت تلك النقوش، وتجلت وتلألأت، فحصل للنفوس المفارقة عن الأبدان، بهذا الطريق: نوع من الكمال.
وأما أن النفوس المتعلقة بهذه الأبدان، أقوى من تلك النفوس المفارقة من وجه آخر: فلأن آلات الكسب والطلب باقية لهذه النفوس. فهذه النفوس بواسطة الأفكار المتلاحقة، والأنظار المتعاقبة، تستفيد في كل يوم علما جديدا، وبحثا زائدا.
وهذه الحالة غير حاصلة [2] للنفوس المفارقة.
والمقدمة الثالثة: [3] إن تعلق النفوس بأبدانها، تعلق يشبه العشق الشديد والحب التام. ولهذا السبب فإن كل شيء يطلب تحصيله في الدنيا.
فإنما يطلب ليتوصل به إلى إيصال الخير والراحة إلى هذا البدن. وإذا ثبت هذا، فإذا مات الإنسان، وفارقت النفس هذا البدن. فذلك الميل يبقى، وذلك العشق لا يزول إلا بعد حين. وتبقى تلك النفس عظيمة الميل إلى ذلك البدن، عظيمة الانجذاب إليه. لا سيما على المذهب الذي نصرناه من أن النفوس الناطقة مدركة للجزئيات.، وأنها تبقى موصوفة بهذا الإدراك بعد موت البدن [4] ] وإذا عرفت هذه المقدمات، فنقول: إن الإنسان إذا ذهب إلى قبر إنسان، قوي النفس، كامل الجوهر شديد التأثير، ووقف هناك ساعة، وتأثرت نفسه من تلك التربة. حصل لنفس هذا الزائر تعلق بتلك التربة. وقد عرفت: أن لنفس ذلك الميت، تعلق بتلك التربة. أيضا. فحينئذ يحصل لنفس هذا الزائر، الحي، ولنفس ذلك [الإنسان [5] ] الميت: ملاقاة، بسبب اجتماعهما على تلك التربة. فصارت هاتان النفسان شبيهتان بمرآتين،
(1) النفس (س) .
(2) زائلة (طا) .
(3) من هنا إلى موت البدن مكرر في الفصل التاسع عشر في (م) والنسخ المشابهة لها. وبدل المقدمة الثالثة: المرتبة الثانية.
(4) موتها (م) ومن المقدمة الثانية إلى هنا: مكرر في الفصل التاسع عشر.
(5) من (س)