فهرس الكتاب
الصفحة 1687 من 2479

[153] فالأول: موضع التخيل. والثاني: موضع التفكر. والثالث: موضع التذكر.

فالتجويف [الأول [1] ] يجب أن يكون مائلا إلى الرطوبة، لتنطبع فيها [صور الأشياء [2] ] بسهولة، فإن كان هذا البطن، عظيم الرطوبة، ضعفت تخيلاته، لأن الرطب يكون سريع الأخذ، سريع الترك. وإن كان مائلا إلى اليبس، ضعفت أيضا هذه التخيلات، لأن اليابس بطيء الأخذ، بطيء الترك. أما إذا كان معتدلا، كان جيد التخيل، سريع التعلم لما يسمعه ويقرؤه، وتورده عليه حواسه. ولذلك صار التعليم في وقت الصبا أحسن من غيره، لأن في وقت الصبا تكون الأرواح الدماغية رطبة فيسهل قبولها لتلك الصور. ثم كل ما ازداد السن، ازداد اليبس المانع من زوال الصور. وأما الأرواح الحاصلة في التجويف الأوسط، فيجب أن تكون مائلة إلى الحرارة، لأن الفكر إنما يتأتى بإلحاق شيء بشيء وذلك نوع حركة. والحركة إنما تتم بالحرارة، فالفكر لا يتم إلا بالحرارة.

ثم نقول: إن كانت هذه الحرارة كثيرة، كان ذلك الروح شديد الالتهاب، فكانت تلك الأفكار مشوشة [وإن كانت تلك الحرارة [3] ] ناقصة قليلة، كان الفكر في النقصان أو البطلان، وكان صاحبه بليدا، غليظ الطبع. وأما إن كان معتدلا في الحرارة والبرودة، كان صاحبه مستقيم الفكر، سريع الجواب، حسن الاستنباط. وأما الأرواح الحاصلة في التجويف المؤخر، فيجب أن تكون مائلة إلى اليبس، لأن الحفظ لا يتم إلا باليبس. فإن قلت هذه الصفة ضعف الحفظ، وغلب النسيان.

والسبب الثاني: إنه قد يحصل في المجرى الذي بين التجويف المقدم، إلى التجويف المتوسط: جسم شبيه بالدودة، وله قوة أن يمتد تارة ويقصر

(1) سقط (طا) .

(2) سقط (م) ، (ط) .

(3) (م) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام