[171] أن يقال الجسم وإن كان ممكنا لذاته، إلا أنه يجب لوجوب جزئه، وهو الهيولي والصورة؟ أجاب الحكماء عنه: بأنه ثبت الدليل بأنه يمتنع خلو الهيولي عن الصورة، ويمتنع خلو الصورة عن الهيولي، فيثبت كونهما متلازمين [1] ، فنقول:
هذا التلازم، إما أن يكون بين ماهيتهما كما في المضافين أو بين وجوديهما.
والأول باطل، وإلا لامتنع أن نعقل أحدهما مع الذهول عن الآخر، فكان يجب أن يفتقر في إثبات تلازمهما إلى برهان منفصل ولما بطل هذا، ثبت أنهما متلازمين في الوجود، ثم نقول يستحيل كون الهيولى علة للصورة، لأن الهيولى من حيث هي هي قابلة للصورة، فلو كانت مؤثرة فيها، لكان الشيء الواحد قابلا وفاعلا معا، وهو محال، ويستحيل كون الصورة علة للهيولى، لأن الصورة حالة في الهيولى، فتكون مفتقرة إليها، والمفتقر إلى الشيء، يمتنع كونه علة لوجوده، فثبت أنه لا الهيولى علة لوجود الصورة، ولا الصورة علة لوجود الهيولى، وقد ثبت كونهما متلازمين في الوجود (وكل شيئين متلازمين في الوجود) [2] لا في الماهية ولا يكون أحدهما علة للآخر، فلا بد وأن يكونا معلولي علة واحدة، إذ لو لم يكن كذلك لكان كل واحد منهما غنيا عن صاحبه، وعن كل ما يفتقر إليه صاحبه [3] وذلك يمنع من القول (بثبوت الملازمة) [4] فثبت أن الهيولى والصورة معلولا علة منفصلة، وكل ما كان كذلك فهو ممكن لذاته، فثبت أن الجسم كما أنه ممكن الوجود بحسب تمام ماهيته، فهو أيضا ممكن الوجود بحسب كل جزء من أجزاء ماهيته (وذا تمام الكلام في هذا الدليل) [5] .
والاعتراض عليه: أن يقال: أما القول بأن الجسم مركب من الهيولى والصورة، فقد سبق البحث فيه. (سلمنا ذلك، لكن لا نسلم كون الهيولى
(1) كونها متلازمة (س) .
(2) من (س) .
(3) خاصيته (ز) .
(4) من (س) .
(5) من (ز) .