[116] وجب أن لا تكون الأفلاك موصوفة بالشدة والإحكام، وذلك على خلاف نص القرآن. وأيضا: نتمسك بقوله تعالى في صفة السموات: «فارْجِعِ الْبصر هلْ ترى مِنْ فُطُورٍ [1] » ؟ ولو كانت الأفلاك متخرقة متمزقة، لوجب أن تكون كلها خروقا. وذلك على نقيض قوله تعالى: هلْ ترى مِنْ فُطُورٍ؟
والثالث: إن الإنسان لو وضع عقبه على الأرض، ثم أدار نفسه على عقبه، دورة تامة. لزم أن يقال: إنه في تلك الحالة، تفككت أجزاؤه وتفرقت وتمزقت. والحس يدل على أن ذلك باطل. فإن هذا الإنسان يعلم من نفسه:
أنه بقي متصل الأجزاء، كما كان قبل ذلك. لا سيما وعند المعتزلة: أن افتراق أجزاء البنية يوجب الموت.
الرابع: إن القول بتفكك أجزاء الرحى، يقتضي أن يقال: إن كل واحدة من تلك الدوائر، يجب أن يعلم: أنه كم ينبغي أن يسكن؟ وكم ينبغي أن يتحرك؟ حتى لا تتغير تلك الأجزاء عن مسامتاتها ومناسباتها، التي كانت موجودة. ومعلوم: أن أعقل الناس لا يهتدي إلى هذه الحالة، فضلا عن أجزاء الحجر، مع أنها جمادات خالية عن الفهم والإدراك.
إلا أن المتكلمين يقولون: إن إله العالم يحرك كل واحد منها في بعض الأحياز، ويسكنها في البعض، على وجه تبقى تلك المسامتات والمناسبات كما كانت. ومثل هذا الفعل من الإله الحكيم غير مستبعد. ولما ثبت بالدليل: أنه لا يجوز أن يقال: إنه عند حركة، الدائرة العظيمة جزءا، تتحرك الدائرة الصغيرة أيضا جزءا تاما. وثبت: أنه لا يجوز أن يقال: عند حركة الدائرة العظيمة جزءا [لا يتحرك من الصغيرة شيء البتة. بقي أن يقال: إن عند حركة العظيمة [2] ] تتحرك الدائرة الصغيرة، أقل من جزء. وذلك يفيد كون كون المقدار قابلا للقسمة، إلى غير النهاية.
واعلم: أن هذه الحجة تقتضي انقسام الزمان والمسافة معا إلى غير
(1) الملك (3) .
(2) من (س) .