[142] ما يكون محلا له، ومادة له. وهو المطلوب. فإن قالوا: فمادة الكل مساوية لمادة [الجزء [1] ] فيعود الاشتراك المذكور. فنقول في الجواب: إن ذلك البعد لما كان حالا في تلك المادة، وكانت تلك المادة موصوفة بصفات، لأجلها كانت مستعدة لقبول ذلك الشكل من واهب الصور، لا جرم حصل ذلك الشكل دون سائر الأشكال. فيثبت بمجموع ما ذكرنا: أن كل بعد فهو متناهي [وكل متناهي [2] ] مشكل، وكل متشكل فإنما حصل له شكله المعين بسبب المادة، وهذا ينتج أن كل بعد فإنه لا يوجد إلا إذا كان حاصلا في المادة. وإذا ثبت هذا كان القول بوجود البعد المجرد محالا [وذلك هو المطلوب [3] ].
ولقائل أن يقول: أما دليلكم على وجوب تناهي الأبعاد فسيأتي البحث عنه [على الاستقصاء. ثم لئن [4] ] سلمنا ذلك، لكنا نقول: لم لا يجوز أن يكون متناهيا؟ قوله: «إن كان متناهي فهو مشكل، وكل مشكل فتشكله لا بد وأن يكون لأجل مادته» قلنا: لا نسلم. ولو كان الأمر كذلك، لعاد الاشتراك المذكور، لأن مادة الجزء، مساوية لمادة الكل. أما قوله: «سبب الشكل المعين صفات قائمة بالمادة، أعدت تلك المادة لقبول ذلك الشكل المعين» فنقول: فإذا عقلتم ذلك، فلم لا يجوز أن يقال: الطبيعة المقدارية وحدها من غير أن يكون لها مادة، كانت موصوفة بصفات مخصوصة، لأجلها صارت مستعدة لقبول ذلك الشكل المعين، وعلى هذا التقدير فتستغني الطبيعة المقدارية عن الحلول في المادة. وحينئذ يبطل قولكم: «إن كل ما كان بعدا ومقدارا، فإنه لا بد وأن يكون حالا في محل» .
وليكن هاهنا آخر كلامنا في نقل دلائل الطاعنين في أن المكان هو البعد.
والله أعلم [5] .
(1) سقط (ط) ، (س) .
(2) من (ط، س) .
(3) سقط (ط) .
(4) سقط (ط) .
(5) وليكن هاهنا آخر الكلام في البحث عن دلائل الطاعنين (م، ت) .