[112] والصفات المتلاحقة. وهاهنا هذا الفضاء أمر واقف لا يتغير ولا يتبدل البتة. ثم إنه تتوارد عليه الأجسام، وهذا الفضاء يقبلها، فكأن هذا الفضاء مشابها للهيولى من هذا الوجه، فلا جرم سموا هذا الفضاء بالهيولى بحسب هذا التأويل. وإنما سموه بالصورة، وذلك لأن الجوهر الجسماني إنما امتاز عن الجواهر المجردة العقلية لأجل كونه قابلا لهذه الأبعاد الثلاثة، فهذه الأبعاد [الثلاثة [1] ] هي كالجزء الصوري لماهية الجسم. فلما كان هذا الفضاء عبارة عن هذه الأبعاد المجردة الواقعة سموه بالصورة. بحسب هذا التأويل. فهذا هو التفسير الصحيح لما نقل عن أفلاطون، أنه كان تارة يقول: المكان هو الهيولى، وتارة كان يقول: المكان هو الصورة.
ثم إن جماعة ممن أرادوا تقبيح قوله في أعين الناس، نقلوا عنه: أنه يقول: المكان عبارة عن الهيولى أو عن الصورة، ثم أخذوا يحتجون على إبطاله بأن الجسم إذا انتقل من مكان إلى مكان، فهو إنما انتقل بمجموع أجزائه التي هي الهيولى والصورة، فكيف يمكن [أن يقال [2] ] المكان هو الهيولى والصورة؟
إلا أنه على الوجه الذي لخصناه، ظهر أنه إنما أطلق اسم الهيولى تارة، واسم الصورة أخرى على المكان. بناء على التأويل الذي شرحناه، والتفسير الذي لخصناه [فأما إجراء الكلام الذي قصد به الرمز على ظاهره، ثم الاشتغال بالطعن فيه، فذلك مما لا يليق بالعقلاء الكاملين] [3] وبالجملة: فقد ظهر بالبيان الذي لخصناه: أن القول المعتبر في حقيقة المكان هو أنه إما الفضاء، وإما السطح.
أما القائلون بأن المكان هو الفضاء [والخلاء [4] ] فهم فرقان: أحدهما
(1) من (س) .
(2) مع ذلك أن يكون (م) .
(3) فأما الكلام الذي قصد به الرمز والألغاز إذا أجرى على ظاهرة، ثم اشتغل بنقضه وإبطاله كان ذلك بعيدا عن انصاف المنصفين، وتحقيق المحققين (ط، س) .
(4) سقط (ط، س) .