[382] يكون الشيء الواحد قابلا وفاعلا معا. وهو محال. ولأن الهيوليات متساوية، فلو فرضنا هيولى تكون علة لهذه المعلولات، لكان كل هيولى كذلك. ومعلوم أنه باطل. ولا جائز أن يكون الصادر الأول: صورة، وذلك لأنه لو كان [الأمر [1] ] كذلك، لكانت الصورة علة لوجود الهيولى، فيكون تأثيرها في وجود الهيولى ليس بشركة من الهيولى. وإلا لزم تقدم الشيء على نفسه، وهو محال. فعلى هذا الصورة غنية في تأثيرها عن المادة، وكل ما كان غنيا في تأثيراته عن المادة، كان غنيا في وجوده عن المادة. فيلزم: أن لا تكون الصورة:
صورة. هذا خلف: فيثبت أن الصادر الأول ليس بجسم ولا بجزء من أجزاء [2] الجسم. فنقول: فيجب أن يكون جوهرا مجردا. ثم نقول: الجوهر المجرد، إما أن يتوقف صدور الآثار عنه على آلة [3] جسمانية، أو لا يتوقف.
والأول: هو النفس. والثاني: هو العقل. فنقول لا جائز أن يكون الصادر الأول نفسا. لأن الصادر الأول علة لجميع الأجسام، وكونه علة لجميع الأجسام، يمتنع أن يكون موقوفا على حصول آلة جسمانية. وإلا لزم تقدم الشيء على نفسه، وهو محال. وإذا بطل هذا، بطل كون الصادر الأول نفسا.
وإذا بطل هذا، ثبت أن الصادر الأول عقل مجرد. وهو المسمى في لسان الشرع [4] : بالروح الأعظم. حيث قال سبحانه وتعالى: «يوْم يقُومُ الرُّوحُ والْملائِكةُ صفًّا» [5] وحيث قال: عليه الصلاة والسلام: «أول ما خلق الله العقل [6] » .
هذا تلخيص كلام القوم على أحسن الوجوه.
والاعتراض على هذا الكلام من وجوه:
(1) من (ط، س) .
(2) من أجزاء قوام الجنس (ط، س) .
(3) صورة (ط) .
(4) بلسان الشريعة (ت) .
(5) النبأ 38والتفسير فيه تكلف شديد.
(6) لا ينبغي الاستدلال بروايات الآحاد على أصول العقائد.