[350] السكون. فالمحيط له الحركة، والمركز له السكون. وكل ما كان أقرب إلى المحيط، كان أسرع حركة. وكل ما كان أقرب إلى المركز، كان أبطأ، حتى انتهى الأمر إلى غاية السكون. فهذا أمر معقول مناسب.
والثاني: إن فلك الثوابت حال حركتها بطبعه إلى المشرق، هل يتحرك بتحويل الفلك الأعظم إلى المغرب؟ أو يقال: إنه في أحد الزمانين يتحرك بطبعه إلى أحد الجانبين، وفي الزمان الثاني يتحرك بالقسر إلى الجانب الثاني، فلا تحصل الحركتان معا، في ذلك الجسم؟ والأول باطل. لأنه إذا تحرك بطبعه إلى هذا الجانب، فقد حصل في هذا الجانب. وإذا تحرك بسبب القسر إلى ذلك الجانب، فقد حصل في ذلك الجانب. فلو اجتمع هاتان الحركتان، لزم حصول الجسم الواحد دفعة واحدة في مكانين، وذلك محال. والعلم بامتناعه بديهي. سواء قلنا: إنه حصلت الحركتان طبيعيتين أو قسريتين، أو إحداهما طبيعية، والأخرى قسرية.
وأما القسم الثاني: وهو أن يقال: إنه يحصل إحدى الحركتين في زمان، والحركة الثانية في زمان آخر، فحينئذ يلزم انقطاع الحركات الفلكية وعدم بقائها. وذلك محال. وهؤلاء الناس رجحوا هذا القول على القول الأول بهذين الوجهين. وأما أصحاب القول الأول، فقالوا: لو كان الأمر على هذا التقدير، فحينئذ قد دارت الشمس دورة واحدة بالتمام في اليوم الواحد، وإنما حصول التخلف بمقدار وسط الشمس، ولو كان الأمر كذلك، لوجب أن تتخلف أحوال الأظلال، كما تتخلف عند كون الشمس في أول السرطان، وفي أول الجدى. وحيث لم يكن الأمر كذلك، علمنا هذا القول.
واعلم: أن العجائب حكمة الله [تعالى [1] ] في تخليق السموات والكواكب، لا تصير معلولة، إلا عند معرفة الأفلاك والكواكب بالتمام. ولما كان ذلك [الأمر [2] ] كالمعتذر، لا جرم كانت معرفة القليل من أحوال الأفلاك والكواكب: كثيرة بالنسبة إلى العقول البشرية [والله أعلم [3] ]
(1) من (ت)
(3) من (ت)
(2) من (ت)