(قلت) : حقا لا يخفى الراويان والروايتان المتقدمتان، وما نحن يصدده على أهل العلم بالحديث الشريف، لكنهما يخفيان على من يدعي ذلك، وهو منه براء، وأخشى على الرجل الهلاك من إعجابه بنفسه، لقد علمنا ما قاله العلماء في رواية مالك التي فيها (احدى عشرة ركعة) بأنها وهم، ومنقطعة، وتفرد بها مالك، ولم يؤوها غيره من المحدثين الأعلام إذن فليس فيها حجة سواء وردت عن محمد بن يوسف أم عن غيره، ومع ذلك فقد ظلم الألباني ابن خصيفة بسبب عدم إلمامه بقواعد المحدثين، وبقوله: إن ابن حجر قال فيه (ثقة) فقط، ولكي يستبين الحق من الباطل فإليك ترجمة ابن خصيفة في (الميزان والتهذيب) قال الذهبي: في (ميزانه جـ 3 ص 313) (يزيد بن عبد الله ص ق) ابن خصيفة، وقد ينسب إلى جده، فيقال يزيد بن خصيفة عن السائب، أي روى عن السائب نب يزد، وعروة، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وعنه مالك أي روى عنه مالك وطائفة، ووثقه أحمد من رواية الأثرم عنه، وأبو حاتم وابن معين، والنسائي، وروى أبو داود أن أحمد قال: (( منكر الحديث ) ).
وأقول هنا للألباني: لو كان معك إلمام بعلم الحديث حقا لكنت وثقت ابن خصيفة لأمر واحد فقط، وهو لرواية مالك عنه، فإن مالكا رضي الله عنه لم يرو عن واحد من الضعفاء أبدا إلا عن عبد الكريم ابن أبي المخارق، فقد اغتر به لحسن سمته وكثرة تضرعه، فكيف يخفى عليكم هذا يا إمام المحدثين؟ كما أن الإمام أحمد عندما قال في ابن خصيفة هذا منكر الحديث، يقصد بذلك الإغراب لا الضعف.
وقال ابن حجر العسقلاني: في كتابه (تهذيب التهذيب جـ 11 ص 30) (يزيد) ابن عبد الله بن خصيفة ... قال الأثرم: عن أحمد، وأبو حاتم، والنسائي ثقة، وقال الآجري: عن أبي داود، قال أحمد (( منكر الحديث ) )وقال ابن أبي مريم عن ابن معين (( ثقة حجة ) )وقال ابن سعد: كان عابدا ناسكا كثير الحديث (( ثبتا ) )وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: زعم ابن عبد البر أنه ابن أخي السائب ابن يزيد، وكان ثقة مأمونا )) اهـ.