ذكر أبناء الشيخ، وحمد بن ناصر في كتاب الدرر السنية المجلد الأول (جـ 3 ص 15) (( والتحقيق ) )هو أن الله تكلم بالحروف كما يليق بجلاله وعظمته، فإنه قادر لا يحتاج إلى الجوارح، ولا إلى لهوات، وكذلك له صوت كما يليق به يسمع، ولا يفتقر ذلك الصوت المقدس إلى الحلق والحنجرة )) . اهـ.
(قلت) ما سمعنا بهذا لا من كتاب الله ولا من سنة رسول الله، ولا من السلف الصالح أن قال أحدهم: إن الله تكلم القرآن حرفا حرفا، ولا ينطق وهذا تناقض بين فلماذا نحشر أنفسنا في هذه المآزق، ونصرح بمثل هذا الكلام الذي يفسد عقيدة طلاب العلم، فضلا عن العوام، وما أوهى حجتهم في قولهم: إن الله تكلم القرآن بالحروف مثل الأحرف التي في أوائل السور (آلم) و (ألمص) و (ق) وهذا ما صرح به إمام السلفية في البلاد الشامية كما تقدم في التصريح الرابع.
معنى مخالفته تعالى للحوادث، أنه تعالى لا يماثله شيء منها مطلقا، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكما أنه تعالى مخالف للحوادث كلها، التي هي الموجودات بعد العدم، هو أيضا جل جلاله مخالف للمعدومات، وضد مخالفته تعالى، وقد أبدع الله جميع المخلوقات فلا تشبهه لا من قريب ولا بعيد، ودليل ذلك قوله تعالى:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .
واعلم أن أنواع المماثلة عشرة.
(الأول) أن يكون جرما، وهو ما ملأ فرغا سواء كان مركبا أو مفردا، بخلاف الجسم، فإنه يختص بالمركب.
(الثاني) أن يكون عرضا، وهو ما قام بغيره من الصفات الحادثة، فهو أخص من مطلق الصفة، لانفرادها في الصفة القديمة.