ولا من الخلف. لأن القول به: موجب القول بخلق القرآن لا محالة، وقد كفر الشافعي - كما سمعت - من قال به. وقد نفى ذلك الشافعي رضي اللَّه عنه بقوله:"فلو كان مخلوقاً لكان مقولاً له كن، وكان يؤدي إِلى أن يصل كل قول بآخر إِلى ما لا يتناهى، وذلك يوجب بطلان القول"أهـ. أي قوله تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ (كُنْ) فَيَكُونُ} فافهم هذا هُديت إِلى الصّواب ولذا قال رضي اللَّه عنه:"فلما كان ذلك باطلاً، وجب كون قوله تعالى أزلياً غير مخلوق، ولا محدث"أهـ.
قال الإِمام الشافعي رضي اللَّه عنه: في كتابه [الفقه الأكبر ص 9] "فصل""واعلموا أن اللَّه تعالى ليس بجوهر، ولا بجسم، ولا عرض، والدليل عليه: هو أن الجوهر أصل الشيء، وهو ما يتركب منه الجسم، ومنه يقال: ثوب جوهريّ، إِذا كان أصليّا، والباري محال أن يتركب منه شيء، حتى يكون جوهراً، لأن الجواهر لا تنفك عن الحوادث، والحركة، والسكون، والألوان، والطعوم، والروائح، وغير ذلك. والقديم سبحانه يستحيل عليه، الحوادث، فبان أنه ليس بجوهر، ومحال أيضاً أن يكون جسماً، لأن الجسم هو المجتمع المؤلف، ومنه قول أهل اللغة: هذا جسم، وذلك أجسم منه، فيصفونه بالمبالغة إِذا كثُر تأليفه، واجتماعه، ويجري هذا مجرى قولهم: عالم وعليم وأعلم منه، إِذا زاد تعلق علمه بالمعلومات، ومعلوم أن العالم في الأصل إِنما كان عالماً للعلم، فكذلك القول في الجسم، وتحقيق ذلك، هو أن الوصف إِذا استحق المبالغة منه بزيادة معنىً، استحق الأصل الوصف لأجل ذلك المعنى، كالطويل وأطول، والعالم وأعلم،"