فهرس الكتاب
الصفحة 48 من 332

قال الحافظ أبو نعيم الأصفهاني: في [حلية الأولياء جـ 1 ص 22] حدثنا أبو بكر أحمد بن أحمد بن محمد بنالحارث، ثنا الفضل بن الحباب، ثنا مسدّد، ثنا عبد الوراق بن سعيد، عن محمد بن اسحاق، عن النعمان بن سعد قال: كنت بالكوفة في دار الإمارة دار علي بن أبي طالب إذ دخل علينا نوف بن عبد اللَّه فقال: يا أمير المؤمنين، بالباب أربعون رجلاً من اليهود، فقال علي: عليَ بهم، فلما وقفوا بين يديه، قالوا له: يا علي، صف لنا ربك هذا الذي في السماء كيف هو؟

فاستوى علي جالساً، وقال:"معشر اليهود. اسمعوا مني، ولا تبالوا ألا تسألوا أحداً غيري، إن ربي عز وجل هو الأول لم يبدأ مما، ولا ممازج مع ما، ولا حال وهماً ولا شبح يقضي، ولا محجوب فيحوى، ولا كان بعد أن لم يكن فيقال حادث، بل جلّ أن يكيف المكيف للأشياء، كيف كان، لم يزل ولا يزول لاختلاف الأزمان، ولا لتقلب شأن بعد شأن، وكيف يوصف بالأشباح، وكيف ينعت بالألسن الفصاح. من لم يكن في الأشياء، فلا يقال (بائن) ولم يُبن عنها فيقال كائن، بل هو بلا كيفيّة، وهو أقرب من حبل الوريد، وأبعد في الشبه من كل بعيد. لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظه، ولا كرورُ لفظه، ولا ازدلاف رَقوِه، ولا انبساط خَطوِة، في غسق ليل داجّ، ولا إِلاّج لا يتغشّى عليه القمر المنير، ولا انبساط الشمس ذاتِ النور بضوئها، الكروز، ولا إِقبالُ ليل مقبل، ولا إدبارُ نهار مدبر، إِلا وهو محيط بما يريد من تكوينه، فهو العالم بكل مكان وكل حين وأوان، وكل نهاية ومدّة، والأمدُ إلى الخلق مضروب، والحدّ إلى غيره منسوب، لم يخلق الأشياء من أصول أولية، ولا بأوائل كانت قبله بديّة، بل خلق ما خلق فأقام خلقه، وصور ما صور فأحسن صورته، توحدّ في علوّه فليس لشيء منه امتناع، ولا بطاعته شيء من خلقه انتفاع، إِجابتُه للداعين سريعة، والملائكة في السموات والأرضين له مطيعة، علمه بالأموات كعلمه بالأحياء المتقلبين،"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام