فهرس الكتاب
الصفحة 143 من 332

ومن هذا المثال، يستبين لك أن الخلاف بينه وبين المعتزلة من حيث معرفة الله تعالى عند الماتريدي: (( ممكن إدراكها بالعقل ) ).

وعند المعتزلة: (وجوب إدراكها بالقعل) . وعند الماتريدي أن (الوجوب) لا يكون إلا ممن يملك الإيجاب، وهو الله تعالى، كما أن الماتريدي يقر بأن للأشياء قبحا ذاتيا، ويستطيع العقل إدراك حسن أو قبح، بعض الأشياء لا كلها ونفس هذا القول يقول به المعتزلة: إلا أنهم يقولون: ما يدركه العقل من الأشياء الحسنة يكون العمل بها واجبا بتكليف العقل.

وما يدركه العقل من القبح في بعض الأشياء يكون الانتهاء عنها واجبا بتكليف العقل. والماتريدي قيد التكليف بالشارع الحكيم. لأن الحاكم بالتكليف الديني هو الله تعالى لا العقل.

وقد حالف الأشاعرة الماتريدية بقولهم (( إن الأشياء ليس لها حسن أو قبح ذاتي ) )بل إن التحسين، بأمر الشارع. والتقبيح بالنهي عنه )) . أي الحسن حسن لأن الله أمر به. والقبيح قبيح لأن الله تعالى نهى عنه.

(الماتريدية والصفات الإلهية)

تقدم أن المعتزلة تنفي الصفات الإلهية إلا أن الأشاعرة قد أثبتا البعض منها، وهي شيء غير الذات وهي (( القدرة، والإرادة، والعلم، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام ) ).

وعلمت أن المعتزلة قالت: (( لا شيء إلا الذات، وأن ما رود في القرآن مثل، عليم سميع بصير الخ ... هي أسماء لله لا صفات [بالضبط كما ذكر ف كتب السلفية المعاصرة] أما الماتريدية فقد أثبتت هذه الصفات، وقالت عنها: ليست هي شيئا غير الذات، ليست منفصلة عن الذات، بمعنى ليس لها كينونة مستقلة عن الذات. حتى يقال إن تعددها يؤدي إلى تعدد القدماء. فأنت ترى أن الماتريدية منهجهم قريب من منهج المعتزلة، النافين لها، لأن الصفات المتقدمة التي أثبتوها لا تنفصل عن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام