فهرس الكتاب
الصفحة 38 من 332

وسنبيّن أن إِرادة حقيقة السرير في الآيات محال. وأما الاستواء فله في اللغة معان (الأول) تمام الشيء، ومنه: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ} . {سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ} . {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} . (الثاني) القصدُ ومنه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} . أي قصد خلقها (الثالث) الاعتدال ومنه: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} . {لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ} . (الرابع) القهر والاستيلاء ومنه: قد استوى بشر على العراق.

ثم قال: واتفق السلف، وأهل التأويل - أي من الخلف - على أنّ ما لا يليق من ذلك بجلال الرب تعالى غير مراد كالقعود والاستيلاء. فسكت السلف عنه، وأوله المتأولون على الاستيلاء والقهر لتعالي الرب عزّ وجل عن سمات الأجسام من الحاجة إلى الحيز والمكان، وكذلك لا يوصف أو سكون، أو اجتماع وافتراق لأن ذلك كله من سمات المحدثات، وعروض الأعراض. والرب تعالى مقدس عنه، فقوله تعالى {اسْتَوَى} يتعين فيه معنى الاستيلاء والقهر، لا القعود والاستقرار، إِذ لو كان وجوده مكانياً، أو زمانياً للزم حاجاته إلى المكان، وهو الغني المطلق المستغني عما سواه، كان اللَّه ولا زمان ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان"أهـ"

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} . هذه مسألة الاستواء، وللعلماء فيها كلام. والأكثر من المتقدمين والمتأخرين أنه إِذا وجب تنزيه الباري تعالى عن الجهة، والتحيّز فمن ضرورة ذلك عند عامة العلماء تنزيهه تبارك وتعالى عن الجهة، وليس بجهة فوق عندهم، لأنه يلزم ذلك

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام