وإليكم أقوال بعض العلماء في هذا الموضوع. حتى يتبين الأمر على حقيقته. ولكن أقول: قبل الخوض في هذا البحث يجب أن نعلم جميعا أن السلف والخلف مجمعون على تأويل ما ورد من ذلك في حقه تعالى مع الاعتقاد بتنزيهه تعالى عن الحوادث لقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .
ولأن المجيء والذهاب من صفات الحوادث، فإن كل ما يصح عليه أنه ينتقل من مكان إلى مكان يكون محدودا متناهيا، وجوهرا ملموسا، وكل محدود متنا، وكل وجور حادث، تعالى الله عن صفات الحدوث.
قال الإمام البغوي: في معالم التنزيل (جـ 1 ص 166) عند قوله تعالى:
{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] .
الأول في هذه الآية، وفيما شاكلها أن يؤمن الإنسان بظاهرها، ويكل علمها إلى الله عز اسمه، فهو منزه عن سمات الحوادث، وعلى ذلك مضت أئمة السلف وعلماء السنة. قال الكلب: هذا من المكتوم الذي لا يفسر. وكان مكحول، والزهري، والأوزاعي، ومالك وابن المبارك، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق يقولون فيه، وفي أمثاله أمروها كما جاءت بلا كيف.
قال سفيان بين عبيينه: كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه، فتفسيره قراءته والسكوت عليه، ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسوله )) اهـ.
أسمعتم ما أجمل هذا الكلام. لو كنتم أمسكتم عن تفسير الصفات، ولم تبرهنوا على إثباتها من حيث النزول والوجه، والعين واليدين، الساق والكلام الخ. لما أنكر عليكم أحد أبدا، ولسرعان ما استجابت للدعوة كافة القلوب المؤمنة، ولكي نقف على حقيقة الأمر لنستمع إلى ما قاله أحمد بن حجر آل بوطامي في كتابه العقائد السلفية.
المثال الثاني: (الله تكلم بالحروف والأصوات) :
قال الشيخ أحمد بن حجر في كتابه العقائد السلفية (جـ 1 ص 174 تحت أبيات نظمها في الكلام، ثم شرحها) : هذه المسألة تعرف لديهم بمسألة كلام الله.