بعد رجوعي إِلى كتب الحديث والفقه والتوحيد في المكتبة الوطنية، والأحمدية بحلب الشهباء، ووقفتُ على ما فيها من أقوال في الصفات الإِلهية. فيما عزمتُ التدليل عليه من مسائل خلافية بين الداعين للسلفية، وأتباع المذاهب الأربعة الإسلامية، قصدت المكتبة الظاهرية بدمشق، ونقبت في كتبها ما يقارب الثلاثة أشهر، وقد تفضل عليّ مشكوراً الشيخ العلامة الجليل الفاضل (عبد الحكيم المنير الحسيني) مفتي الأحناف، فجعل في متناول يدي كل ما لديه من كتب دينيّة، وقد كنت في تلك المدّة أحد نزلاء الفندق العباسي، ومما زادني رغبة في هذا الفندق أن كان من جملة نزلائه عالمان إِسلاميان من المملكة العربية السعودية (الفقيهي، والمرزوقي) وبطبيعة الحال، وما كنت أعده من مواضيع للكتاب، كانت تدور بيننا أحياناً بعض المناقشات، وعلى الأخص في بحث الصفات. فما كان من أمر الشيخ (الفقيهي) - وكان يومها يُعدُّ بحثاً لنيل درجة الدكتوراه، بعد أن ذكرتُ له تصريحات لابن القيّم في الجهة، وأخرى لابن تيمية أن اللَّه تكلم بحرف وصوت، ولا يخلو من الجهة، وما صرّح به الفراء، والوراق، وأبو يعلى في الصفات، وما في كتاب السنة لعبد اللَّه بن الإمام أحمد، وكتاب التوحيد لابن خزيمة، وابن قُتيبة، وما في بعض الأحاديث في كتاب العلو للذهبي، وغيرها مما فيها من أحاديث ضعيفة مجسّمة - إِلا أن أخذ ورقة وقلماً، وكتب بخط يده ما يلي:
بسم اللَّه الرحمن الرحيم: أنا الشيخ الفقيهي السلفي العقيدة: أثبتُ صفات اللَّه تعالى كما جاءت في كتابه، وكما جاءت عن رسوله صلى اللَّه عليه وسلم. من غير تكييف، ولا تمثيل، ومن غير تشبيه، ولا تعطيل، كقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} .
وقد جاءت هذه الصفة في كتاب اللَّه تعالى في سبعة مواضع. فالسلف يقولون