الذات، ولذا قال الماتريدية: إن القرآن هو كلام الله تعالى، القائم بذاته سبحانه وتعالى، والكلام عندهم صفة متصلة بالذات قديمة بقدم الذات الإلهية غير مؤلف من حروف وكلمات، لأن الحروف والمكلمات محدثات، والحادث لا يقوم بالقديم الواجب الجود. وبذا يتبين بكل جلاء فساد قول أبناء الشيخ وحمد بن ناصر التالي (( والتحقيق هو أن الله تعالى تكلم بالحروف كما يليق به الخ ... ) )
وعلى قولهم هذا وقول المعتزلة: تكون الحروف، والعبارات الدالة على معنى القرآن حادثة. وبذا تكون النتيجة التي لا معر منها، أن حروف وألفاظ القرآن الكريم دالة على المعنى القديم فيكون القرآن حادثا، وهو نفس ما تقول به المعتزلة (باسم مخلوق) والماتريدي (عبر عنه باسم حادث) .
وأهل السنة والجماعة لم يقولوا لا بهذا ولا بهذا، وإنما قالوا: (( القرآن هو كلام الله تعالى، وهو صفة وجودية قائمة بذاته تعالى ليست بحرف ولا صوت، لأنه لو كان كلامه تعالى يتركب من الحروف والأصوات لكان ذلك الكلام حادثا ضرورة أن الحروف، والأصوات أعراض حادثة مشروط حدوث بعضها بانقضاء البعض لأن امتناع التكلم بالحرف الثاني، بدون انقضاء الحرف الأول بديهي. فالحروف والأصوات لا تكون أبدا إلا حادثة، فلو تركب القرآن منها لكان حادثا، ضرورة أن المركب من الحوادث حادث، لكن كلامه تعالى حادثا باطل.
هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة بالأتباع بعض أولاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحمد بن ناصر، فكما أن الله تعالى منزه عن الحدوث كذلك كلامه منزه عن الحدوث، ولأن التغاير بالذات يقضي التغاير في الصفات.
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] .
وكما أن الله تعالى منزه عن الحروف والأصوات، فهو أيضا منزه تعالى عن السكوت النفسي، بأن لا يريد في نفسه الكلام مع القدرة، ومنزه عن الآفة الباطنية بألا يقدر على ذلك كما في حال الخرس، والطفولية، وذلك لأن السكوت