وقد يقال: قد قال عمر إنها بدعة، ولم يقل سنة، يجاب: نعم، لكنه مدحها بقوله: (نعمت البدعة) ، وهي كلمة تجمع المحاسن كلها، كما أن بئس تجمع المساويء كلها، وبذا تكون البدعة الممدوحة مرادفة لمدلو السنة الحسنة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) ).
وأي سنة حسنة أكمل وأفضل من اجتماع الناس على طاعة الله تعالى؟ وقد تقدم قول أبي حنيفة رضي الله عنه (( ولم يتخرجه عمر - أي قيام رمضان - من تلقاء نفسه ولم يكن مبتدعا، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه، وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ) )، بذا يثبت لدينا أول شرط من شروط الاجماع.
والشرط الثاني: عدالة المجمعين باتفاق أهل السنة والجماعة على أن جميع الصحابة عدول.
والشرط الثالث: الاجتهاد، فقد كان جل الصحابة مجتهدين.
ومما يدل على إجماع الصحابة على عشرين ركعة ما ذكره صاحب المغني: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة في كتابه (المعني جـ 1 ص 103) قال: (( ولنا أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على أبي بن كعب كان يصلي لهم عشرين ركعة، وقد روى الحسن أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على أبي بن كعب، فكان يصلي لهم عشرين ... ولا يقنت بهم إلا في النصف الباقي، فإذا كان العشر الأواخر تخلف أبي فصلى في بيته، فكانوا يقولون أبق أبي ) )وراه أبو داود، ووراه السائب بن يزيد، وروي عنه من طرق، روى مالك عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمن عمر في رمضان بثلاث وعشرين ركعة، وعن علي أنه أمر رجلا يصلي بهم في رمضان عشرين ركعة، وهذا كالاجماع )) . اهـ.
(قلت) : وهذا ما ذكره ابن عبد البر كما تقدم، إذ أورد حديث علي رضي الله عنه أنه (( أمر رجلا أن يصلي بهم رمضان عشرين ركعة ) )كما أورد حديث الأعمش