فهرس الكتاب
الصفحة 112 من 332

وكان سؤاله لها اختبارا لعقيدتها الوثنية، فإن أشارت إلى السماء وه [العلو المطلق] معناها أنها تقر بوجود الله، وإن لم تشر إلى العلو كانت لا تؤمن بوجوده، قال الله تعالى:

{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3] .

أي معبود فيهما، ومثل هذا قوله تعالى:

{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] .

أي: المعبود فيها، وقد قال الرسول عنها بعد ذلك: إنها مؤمنة، أي: إيمانا فطريا، ولم يقل عنها إنها عالمة، أي: تعلم أن الله تعالى ليس له مكان، وهي درجة الراسخين في العلم، وبذا تعلم يا أخي، أن الأخذ بظواهر الألفاظ، دون التدقيق في بواطنها يؤدي إلى التجسيم والعياذ بالله، ومن أجل هذا السر قال تعالى:

{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] .

وإني لأعلم أن بعض من يدعو للسلفية، وهي منه براء قد حاول إقامة الدلائل الواهية على إثبات أن الله في السماء، ولكنه لم يفلح، لأن من يقول إن الله داخل شيء فيكون مصورا فيكفر، ومن قال إنه من شيء فيكون حادثا فيكفر، ومن قال إنه على الحق. من كافة الوجوه بتنزيههم خالقهم عن التشبيه والتجسيم والحلول التي هي من أوصاف الحوادث، فكل من يرميهم بما لا يليق بهم قاصر في العقل، وجاهل بالعلم، ثم وجهت إليه هذا السؤال:

(فقلت) : أخي السلفي: جاء في صحيح البخاري عنه عليه الصلاة والسلام:

(( إذا كان أحدم يصلي فلا يبصقن قِبل وجهه، فإن الله قِبل وجهه إذا صلى ) ).

معنى هذا أن الله تعالى ليس في جهة الفوقية، أليس كذلك؟ أجاب الرجل: هذا ما يدل عليه ظاهر الحديث.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام