(قلت) : نعم إن أهل السنة والجماعة بالفعل ينزهون الله تعالى عن الجهات الست، بمعنى أنه لا تحويه جهة منها، بل كلها متساوية عنده تعالى، فالجهات الست يتصف بها المخلوق، وهي [أما وخلف ويمين وشمال وفوق وتحت] وهذه جميعها في قبضته تعالى لقوله:
{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] .
قهر وتسلط وتصرف في الكون كله، لا فوقية تحده في مملكته، فقبل أن يخلق الكائنات أين كان؟ وهو لا يزال كما كان، وهو ما عليه اعتقاد السلف والخلف صحابة وأئمة.
قال الأخ السلفي: إذن فما معنى قوله تعالى:
{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] .
فهذا الآية تدل على العلو وأنه في السماء.
(قلت) : يا أخي، فكل ما كان المخلوق إلى الخالق، حتى ولو كان المخلوق في أسفل سافل. فهو صعود إلى الحق سبحانه وتعالى، وكل ما كان من الخالق إلى المخلوق يسمى نزولا ولو كان المخلوق في أعلى مكان، وبذا يصدق أن الجهات الست من خواص الحوادث، والله تعالى ليس محدثا، بدليل:
{يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ} [النحل: 2] ، {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} [غافر: 13] .
وبدليل أنه تعالى قد نوه ذاته العلية عن المكان فقال:
{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] .
فيكون معنى الآية كناية عن قبول الأعمال المشار إليها بالصعود، وهو ما أجمع عليه المفسرون.
قال الأخ السلفي: قد ثبت في الحديث أن الجارية أشارت إلى الله في السماء وأقرها الرسول على ذلك، فيكون الله في السماء.
(قلت) : يا أخي: سأل الرسول عليه الصلاة والسلام الجارية بقوله: أين الله؟ لا معناه في أي مكان هو؟ إذ لا أينية له تعالى في ذاته وإنما الأينية للإنسان،