وعليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم، كلامه سبحانه من غير لهوات، ولا لسان، كما أن علمه من غير اضطرار ولا نظر في برهان، كما أن حياته من غير بخار تجويف قلب حدث عن امتزاج الأركان، كما أن ذاته تعالى لا تقبل الزيادة والنقصان، فسبحانه من بعيد دان عظيم السلطان، ربنا الله القريب في علوه المتعالي في دنوه، باريء الخلق بقدرته ومقدر الأمور بحكمته، والمحيط بكل شيء بعلمه تمت كلمته، وعمت رحمته لا إله إلا هو، واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم، يولد، ولم يكن له كفؤا أحد
(( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ).
لا شبيه له، ولا نظير، ولا عون ولا ظهير، ولا شريك ولا وزير، ولا مشير، ليس بجسم فيمس، ولا جوهر فيجس، ولا عرض فينتفى، ولا ذي تركيب فيتبعض، ولا ذي آلة فيمثل، ولا ذي تأليف فيكيف، ولا ذي ماهية مخيلة فيحدد، ولا ذي طبيعة من الطبائع، ولا طالع من الطوالع، ولا ظلمة تظهر، ولا نور يزهر، حاضر الأشياء علما من غير ممازجة شاهدا لها اطلاعا من غير مماسة.
ومن المبتدع؟ أيكون ضالا مبتدعا مشركا من زار قبر المصطفى؟ ومن الذي قال هذا من أئمة الهدى؟ كانوا جميعا سلفا وخلفا يسارعون إلى زيارته، يتبركون بمواطئ أقدامه وآثاره، وسار على نهجهم الاتقياء والأولياء، ومنهم العلماء النجباء الذين اتخذهم الله عليه شهداء، وقد علمتم وأنكرتم أن مالكا رضي الله عنه كان يخلي المسجد النبوي من أهل المدينة في وأقات مخصوصة للغرباء، وقد ثبت أن الخلفاء قصدوه بالزيارة، ومنهم عمر رضيي الله عنه في إمارته، وكان عمر بن عبد العزيز يبعث البريد ليبلغ النبي منه السلام، وما قال بتبديعه أحد من أئمة الإسلام.
ومن المبتدع؟ أيكون مبتدعا من احتفل بمولد نبيه بناء على اجتهاد عالم ورع من أه السنة والجماعة، ووافقه على هذه البدعة الحسنة جميع أرباب العلوم الإسلامية من علماء الأزهر، والصوفية، ثم أخذ بهذه البدعة الحسنة جميع البلاد الإسلامية، وبذلك أصبح إجماعا فعليا، لا سكوتيا